Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 127-127)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( نَزَلَتْ فِي أمِّ كجَّة امْرَأةِ أوْسِ بْنِ ثَابتٍ وَبَنَاتِهَا مِنْهُ ؛ لَمَّا أمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بتَوْرِيثِهِنَّ مِنْ أوْسٍ ، أقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ الْفَزَّاريُّ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ إنَّكَ قَدْ وَرَّثْتَ النِّسَاءَ وَالْبَنَاتَ وَالصِّغَارَ ؛ وَلَمْ نَكُنْ نَحْنُ نوَرِّثُ إلاَّ مَنْ قَاتَلَ عَلَى ظُهُور الْخَيْلِ وَحَازَ الْغَنِيْمَةَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . ويقالُ : إنَّها نزلَت بعدَ نزولِ قولهِ تعالى : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ } [ النساء : 11 ] إلى قولهِ { عَلِيماً حَكِيماً } [ النساء : 11 ] قَبْلَ نزولِ فَرْضِ الزَّوجاتِ ، فجاؤوا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتُونَهُ في ميراثِ أمِّ كجة امْرَأةِ الْمُتَوَفَّى ، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ ووعدَهم أن يُفْتِيْهِمْ في ميراثِ الزوجاتِ ؛ فأَفْتَاهُمْ في ذلكَ بقولهِ تعالى : { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ } [ النساء : 12 ] إلى آخرِ الآيةِ . ومعنى الآية : يَسْتَفْتُونَكَ يا مُحَمَّدُ في أمرِ النِّسَاءِ وما يجبُ لَهنَّ من الميراثِ ؛ قُلِ اللهُ يُبَيِّنُ لكم ميراثَهُن ، والذي يُقْرَأ عليكُم في كتاب الله في أوَّلِ هذه السُّورةِ ، يُفْتِيْكُمْ ويُبَيِّنُ لكم ما سَأَلْتُمْ عنه في بناتِ أمِّ كجة اللاَّتِي لا تُعْطُوهُنَّ مَا فُرِضَ لَهُنَّ من الميراثِ وهو قَوْلُهُ تَعَالَى : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ } [ النساء : 11 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } ؛ أي ترغبون عَنْ نِكَاحِهِنَّ لِدَمَامَتِهِنَّ فلا تعطوهُنَّ نصيبَهن من الميراثِ لِمَنْ يَرْغَبُ فيهنَّ غيرُكم ؛ وذلكَ أنَّ بَنِي أعْمَامِ تِلْكَ الْبَنَاتِ كَانُوا أوْلِيَاءَهُنَّ ؛ وَكَانُواْ لاَ يُعْطُونَهُنَ حَظَّهُنَ مِنَ الْمِيْرَاثِ ، وَيَرْغَبُونَ أنْ يَتَزَوَّجُونَهُنَّ ، وَهذا قول ابنِ عبَّاس وابنِ جُبير وقتادةَ ومجاهدٍ . وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا والحسنِ : ( أنَّ مَعْنَاهُ : وَتَرْغَبُونَ فِي أنْ تَتَزَوَّجُونَهُنَّ لِجَمَالِهِنَّ وَلاَ تُعْطُوا لَهُمْ مَا أوْجَبَ اللهُ لَهُنَّ مِنَ الصَّدَاقِ ) . وفي كِلاَ القولين دليلٌ على جواز نِكَاحِ الأولياءِ لليتامَى . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ } ؛ أي وفي ( الْمُسْتَضْعَفِيْنَ مِنَ الْوِلْدَانِ ) أي في مِيْرَاثِ اليتامَى . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ } ؛ أي وَفِي ( أنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بالْقِسْطِ ) في أموالِهم وحقوقهِم بالعدلِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } ؛ أي مَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ في أمرِ اليَتَامَى والضِّعَافِ ؛ { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } يَجْزِيْكُمْ على ذلكَ . واختلفَ أهلُ النَّحوِ في موضعِ { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } فذهبَ أكثرُهم إلى أنهُ مَوْضِعُ رَفْعٍ ؛ تقديرهُ : وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب يُفْتِيْكُمْ . وقال بعضُهم : هو في موضعِ خَفْضٍ تقديرهُ : وَفي مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ، إلاَّ أن هذا الوجهَ أضعفُ من الأوَّل ؛ لأنه لا يصحُّ عطفُ الظاهرِ على المضمرِ بحرفِ الجرِّ من دونِ إعادة حرفِ الجرِّ .