Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 128-128)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً } ؛ الآية نزلت في خُوَيْلَةَ ابْنَةِ مُحمدِ بن مَسْلَمَةَ وفي زوجِها سعدِ بنِ الربيعِ ؛ تزوَّجَها وهي شابَّةٌ ؛ فلما عَلاَهَا الْكِبَرُ جَفَاهَا وتزوَّج عليها شابَّةً آثرَها عليها ، فشَكَتْ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فنَزلت هذه الآيةُ ، هذا قولُ الكلبيِّ وجماعةٍ من المفسِّرين . وقال سعيدُ بن جُبير : ( كَانَ رَجُلٌ لَهُ امْرَأةٌ قَدْ كَبرَتْ ؛ وَكَانَ لَهَا سِتَّةُ أوْلاَدٍ ، فَأَرَادَ أنْ يُطَلِّقَهَا وَيَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : لاَ تُطَلِّقْنِي وَدَعْنِي عَلَى أوْلاَدِي ؛ وَاقْسِمْ لِي فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ أوْ أكْثَرَ إنْ شِئْتَ ، وَإنْ شِئْتَ لاَ تُقْسِمْ ، فَقَالَ : إنْ كَانَ يَصْلُحُ ذلِكَ فَهُوَ أحَبُّ إلَيَّ ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ لَهُ ذلِكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . ومعناها : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ } أي عَلِمَتْ مِن زوجِها بُغضاً ، أو إعْرَاضاً بوجههِ عنها لإيْثَار غيرِها عليها . قال الكلبيُّ : ( يَعْنِي : تَرَكَ مُجَامَعَتَهَا وَمُضَاجَعَتَهَا وَمُجَالَسَتَهَا وَمُحَادَثَتَهَا ؛ فَلاَ جُنَاحَ عَلَى الزَّوْجِ وَالْمَرْأةِ أنْ يُصَالِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً مَعْلُوماً بتَرَاضِيْهِمَا ؛ وَهُوَ أنْ يَقُولَ لَهَا الزَّوْجُ : إنَّكِ امْرَأةٌ قَدْ دَخَلْتِ فِي السِّنِّ ؛ وَأَنَا أريْدُ أنْ أتَزَوَّجَ عَلَيْكِ امْرَأةً شَابَّةً أوثِرُهَا عَلَيْكِ فِي الْقَسْمِ لَهَا لشَبَابهَا أوْ أزيْدُ فِي نصِيْبهَا مِنَ الْقَسْمِ ، فَإنْ رَضِيْتِ وألاَّ سَرَّحْتُكِ بالأَحْسَنِ وَتَزَوَّجْتُ أخْرَى . فَإنْ رَضِيَتْ بذلِكَ فَهِيَ الْمُحْسِنَةُ ، وَحَلَّ لِلزَّوْجِ ذلِكَ ) . كَمَا رُويَ " عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ طلَّقَ امْرَأتَهُ سَوْدَةَ ؛ فَسَأَلَتْهُ لِوَجْهِ اللهِ أنْ يُرَاجِعَهَا وَتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَفَعَلْ " ومثلُ هذا الصُّلْحِ لا يقعُ لازماً ؛ لأنَّها إذا أبَتْ بعدَ ذلكَ إلى المقاسَمَة على السؤالِ كان لَها ذلكَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } ؛ أي خيرٌ من الإقامةِ على النُّشُوز . وَقِيْلَ : خيرٌ من الفِرْقَةِ . ودخولُ حرفِ الشَّرطِ على الاسمِ في قولهِ تعالى : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ } فعلى تقديرِ فِعْلِ مُضْمَرٍ ؛ أي : وَإنْ خَافَتِ امْرَأَةٌ خَافَتْ ، أو على التقديمِ والتأخير ، كأنه قالَ : وَإنْ خَافَتِ امرأةٌ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً ، وعلى هذا قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ } [ النساء : 176 ] ، { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ } [ التوبة : 6 ] وهذا لا يكونُ إلاّ في الفعلِ الماضي ؛ كما يقالُ : إنِ اللهُ أمكَنَني ففعلتُ كذا ، فأمَّا في المستقبلِ فيصُحُّ أن يُفَرَّقَ بين الَّتِي للجزاءِ وبين لفظِ الاستقبال ، فيقالُ : إنِ امرأةٌ تَخَفْ ؛ لأنَّ ( إنْ ) تحرمُ المستقبلَ فلا يفصلُ بين العاملِ والمعمول . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ } ؛ أي جُبلَتِ الأنفسُ على الشُحِّ ، فَشَُحُّ المرأةِ الكبيرة مَنَعَهَا من الرِّضَا بدون حقِّها ، وتركِ بعضِ نصيبها من الرجلِ لغيرِها ، وشُحُّ الرجلِ بنصيبهِ من الشَّابَّةِ يَمْنعُه من توقيرِ نصيب الكبيرةِ من القَسْمِ عليها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ } ؛ أي إن تُحسنوا العِشْرَةَ وتتَّقُوا الظُّلْمَ على النساء ؛ { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } ؛ من الإحسانِ والْجُودِ ، عالِماً بخيرِ عملِكم ، والسوءِ فيجزيكُم على ذلكَ .