Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 160-162)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } ؛ أي فَبكُفْرِ اليهودِ وجُرمِهم حرَّمنا عليهم أشياءَ كانت طَيِّبَةً لَهم في التوراةِ ؛ منها : لُحُومُ الإبلِ وألبانُها والشُّحومُ ، وكانوا إذا أصابُوا ذنباً عظيماً حَرَّمَ اللهُ عليهم طعاماً طَيِّباً ، { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } ؛ معناهُ : بسبب مَنْعِهِمُ الناسَ عن دينِ الله وهو الإسلامُ ، وَ ؛ بسَبَب ؛ { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ } ؛ وقد نُهوا عن ذلك في التَّوراة ، وَ ؛ بسبب ؛ { وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } ؛ أكلِ أموال الناس بالظُّلمِ ، وأخذِ الرِّشَا في الحكمِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } ؛ أي خَلَقْنَا وهيَّأْنَا للكافرينَ منهم عذاباً وَجِيْعاً يَخْلُصُ وجعهُ إلى قلوبهم ، وإنَّما خَصَّ الكافرينَ لبيانِ أن مَن يؤمنُ منهم غيرُ داخلٍ في هذا الوعيدِ . ثُمَّ استثنىَ اللهُ تعالى منهم مَن آمَنَ ، فقال تعالى : { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } ؛ أي لكن التائبون مِن أهلِ الكتاب وهم عبدُالله بنُ سلامٍ وأصحابُه ، وسَمَّاهم { ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } لثباتِهم في العِلْمِ وتَبَحُّرِهِمْ فيه ؛ لا يضطربون ولا تَميلُ بهم الشُّبَهُ ، بمنْزِلة الشجرةِ الرَّاسخةِ بعروقِها في الأرضِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ } أي والمؤمنونَ مِن غيرِ أهل الكتاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدِّقون بما أنْزِلَ إليكَ من الفُرْقَانِ ، وما فيه من تَحريم هذهِ الأشياءِ عليهم ، ويصدِّقون بما أنْزِلَ من قبلِكَ على الأنبياءِ من الكُتُب ، { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } ؛ يجوزُ أن يكونَ معناهُ : يؤمنونَ بالنبيِّين المقيمينَ الصلاةَ ، فيكون قولهُ { وَٱلْمُقِيمِينَ } نَسَقاً على قولهِ { بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } . ويجوزُ أن يكون نَصْباً على المدحِ على معنى : أعْنِي الْمُقِيْمِيْنَ الصَّلاَةَ ؛ وَهُمْ : { وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } ؛ كما يقال : جاءنِي قومُكَ الْمُطْعِمُونَ فِي الْمَحَلِّ ؛ وَالْمُعِيْنُونَ فِي الشَّدَائِدِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً } ؛ أي الْمُصَدِّقُونَ باللهِ وبالبعثِ بعدَ الموتِ أولئكَ سنعطيهم ثَوَاباً وافِراً في الجنَّة .