Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 164-164)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ جَلَّ وَعزَّ : { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } ؛ عَطْفُ على { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } [ النساء : 163 ] ، كأنهُ قالَ : إنا أرسلناكَ مُوحِيْنَ إليكَ ، وأرسلنا رُسُلاً قد قَصَصْنَا عليكَ ، ويجوزُ أن يكون مَنْصُوباً بالفعلِ الذي بعدَه ، كأنهُ قالَ : وقد قَصَصْنَا رُسُلاً عليكَ ، ومعناه : قَصَصْنَاهُمْ ؛ أي سَمَّيْنَاهُمْ لكَ في القُرْآنِ ، وعرَّفناكَ قِصَّتَهُمْ ، { وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } ؛ أي وأرسلنَا رُسُلاً لم نُسَمِّهِمْ لكَ وأمرناهم بالاستقامةِ على التَّوْحِيْدِ ودعوةِ الْخَلْقِ إلى الله . وعن أبي ذرٍّ قال : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ كَمْ كَانَتِ الأَنْبيَاءُ ؟ وَكَمْ كَانَ الْمُرْسَلُونَ ؟ قَالَ : [ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ مِائَةَ ألْفٍ وَأرْبَعَةً وَعُشْرِيْنَ ألْفاً ، وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ ثَلاثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ ) . وعن كعب الأحبار أنه قالَ : ( الأنبياءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ألفَا ألفٍ ومائتا ألفٍ وخمسَةٌ وعشرون ألفاً ، والمرسلُ ثلاثُمائة وثلاثة عشر . وكان داودُ عليه السلام قد أنْزِلَ عليه الزبورُ ، وكان يَنْزِلُ إلى البرِّية ويقرأ الزبورَ ؛ فيقومُ معه علماءُ بني إسرائيلَ خَلْفَهُ ؛ ويقومُ الناسُ خَلْفَ العلماءِ ، وتقومُ الْجِنُّ خلفَ الناسِ ، وتجيءُ الدوابُّ التي في الجبالِ إذا سَمعت صوتَ داودَ فِيَقُمْنَ بين يديه تَعَجُّباً لِمَا يسمعنَ من صوتهِ ، وتجيءُ الطيرُ حتى يُظَلِّلْنَ على داودَ في خلائقِ لا يحصيهنَّ إلاّ اللهُ يُرَفْرِفْنَ على رأسهِ ، وتجيءُ السِّبَاعُ حتى تحيطَ بالدواب والوحشِ لما يسمعنَ ، ولما قَارَنَ الذنْبَ لم يَرَ ذلك ، فقيل لهُ : ذلكَ أنْسُ الطاعةِ ، وهذه وَحْشَةُ المعصيةِ . وعن أبي موسَى الأشعريِّ قالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " " لَوْ رَأيْتَنِي الْبَارحَةَ وَأنَا أسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ ، لَقَدْ أعْطِيْتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ " فَقَالَ : فَقُلْتُ : أمَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ؛ لَوْ عَلِمْتُ أنَّكَ تَسْتَمِعُ لَحَبَّرْتُهُ تَحْبيْراً . وكان عمرُ رضي الله عنه اذا رأىَ أبَا موسَى عليه السلام قال : " ذكِّرْنَا يَا أبَا مُوسَى " فيقرأهُ عندَهُ " وعن أبي عثمان النَّهْدِيِّ ؛ قالَ : ( مَا سَمِعْتُ قَطُّ بُرْبُطاً وَلاَ مِزْمَاراً وَلاَ عُوْداً أحْسَنَ مِنْ صَوْتِ أبي مُوسَى ، وَكَانَ يَؤُمُّنَا فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ فَنَوَدُّ أنَّهُ يَقْرَأ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ ) . وفي تفسير الكلبيُّ : ( أنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا أنْزَلَ الآيَةَ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الآيَةِ ؛ وَقَرَأهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ ؛ قَالَ الْيَهُودُ فِيْمَا بَيْنَهُمْ : مَا نَرَى مُحَمَّداً يَقْرَأ بمَا أنْزَلَ اللهُ عَلَى مُوسَى ؛ وَلَقَدْ أوْحِيَ إلَيْهِ كَمَا أوْحِيَ إلَى النَّبِيِّيْنَ مِنْ قَبْلِهِ . فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ فَقَرَاَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالُواْ ؛ إنَّ مُحَمَّداً قَدْ ذكَرَهُ فِيْمَنْ ذَكَرَهُ وَفَضَّلَهُ بالْكَلاَمِ عَلَيْهِمْ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ } ؛ وفائدة تخصيصِ موسَى عليه السلام بالكلامِ مع أنَّ اللهَ تعالى كَلَّمَ غيرَه من الأنبياءِ ، ؛ لأنه تعالى كَلَّمَهُ من غيرِ واسطةٍ ؛ وَكَلَّمَ غيرَه من الأنبياء بالْوَحْيِ إليهم على لِسَانِ بعضِ الملائكةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { تَكْلِيماً } ؛ يدلُّ على التأكيدِ كَيْلاَ يحملَ كلامُ الله إياهُ على معنى الوَحْيِ إليه .