Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 31-31)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } ؛ معناهُ : إنْ تَتْرُكُوا كَبَائِرَ الذُّنوب نُكَفِّرْ عَنْْكُمُ الصغائرَ ، كما رويَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : " الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا جُنِّبَتَ عَنِ الْكَبَائِرِ " ، { وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } ؛ يعني الجنَّةَ . قرأ أهلُ المدينة : ( مَدْخَلاً ) بفتح الميم ، وهو موضعُ الدخول . وقرأ الباقون بالضمِّ على المصدر ، بمعنى الإدخَالِ . واختلفُوا في الكبائرِ التي جعلَ الله تعالى اجْتِنَابَهَا تكفيراً للصغائرِ ، فقال ابنُ عبَّاس : ( هِيَ كُلُّ شَيْءٍ سَمَّى اللهُ فِيْهِ النَّارَ لِمَنْ عَمِلَ بهَا أوْ شَيْءٍ نَزَلَ فِيْهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا ) . ويروى : أنَّ رَجُلاً أتَى ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه فقالَ : إنِّي أصَبْتُ ذنْباً فأُحِبُّ أنْ تَعُدَّ عَلَيَّ الْكَبَائِرَ ؛ فَعَدَّ عَلَيْهِ سَبْعاًَ ؛ فَقَالَ : ( الإشْرَاكُ باللهِ ؛ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ؛ وَقَتْلُ النَّفْسِ ؛ وَأَكْلُ الرِّبَا ؛ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيْمِ ؛ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ ؛ وَالْيَمِيْنُ الْفَاجِرَةُ ) . وعن ابنِ مسعُودٍ قالَ : ( الْكَبَائِرُ أرْبَعٌ : الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ ؛ وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ؛ وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهَ ؛ وَالشِّرْكُ ) . قال مقاتلُ : ( الْكَبَائِرُ : مَا نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ أوَّلِ هَذِهِ السُّوَر ) . ويقال : لا كبيرةَ مع الاستغفار ولا صغيرةَ مع الإصرار . وعن ابنِ مسعُود قال : قُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أيُّ الذنْب أعْظَمُ ؟ قَالَ : " أنْ تَجْعَلَ للهِ أنْدَاداً وَهُوَ خَلَقَكَ " قُلْتُ : ثُمَّ مَاذا ؟ قَالَ : " أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خِشْيَةَ أنْ يَأَكُلَ مَعَكَ " قُلْتُ : ثُمَّ مَاذا ؟ قَالَ : " أنْ تَزْنِي بحَلِيْلَةِ جَاركَ " " وتصديقُ ذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } [ الفرقان : 68 - 69 ] . وعن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : " أكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإشْرَاكُ باللهِ ؛ وَالْيَمِيْنُ الْغَمُوسُ ؛ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ؛ وَقَتْلُ النَّفْسِ " وعن أنسٍ قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " أرْبَعٌ مِنَ الْكَبَائِرِ : الشِّرْكُ باللهِ ؛ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ؛ وَشَهَادَةُ الزُّور " وسُئِلَ ابنُ عبَّاس رضي الله عنه عنِ الكبائرِ : أسَبْعٌ هِيَ ؟ قَالَ : ( هُنَّ إلَى سَبْعِينَ لأَقْرَبُ مِنْهُنَّ إلَى السَّبعِ ) ثم قالَ : ( الْكَبَائِرُ : الشِّرْكُ ؛ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ؛ وَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ ؛ وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ؛ وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهِ ؛ وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ ؛ وَالسِّحْرُ ؛ وَالرِّبَا ؛ وَالزِّنَا ؛ وَالسَّرِقَةُ ؛ وَأكْلُ مَالِ الْيَتِيْمِ ؛ وَتَرْكُ الصَّلَوَاتِ ؛ وَمَنْعُ الزَّكَاةِ ؛ وَشَهَادَةُ الزُّور ؛ وَقَتْلُ الْوَلَدِ خِشْيَةَ أنْ يَأَكُلَ مَعَهُ ؛ وَالْحَسَدُ ؛ وَالْكِبْرُ ؛ وَالْحَيْفُ فِي الْوَصِيَّةِ ؛ وَتَحْقِيْرُ الْمُسْلِمِيْنَ ) . وقال سعيدُ بن جبيرٍ : ( كُلُّ ذنْبٍ أوْعَدَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ النَّارَ فَهُوَ كَبيْرَةٌ ) . قال الضحَّاك : ( مَا وَعَدَ اللهُ عَلَيْهِ حَدّاً فِي الدُّنْيَا وَعذاباً فِي الآخِرَةِ فَهُوَ كَبيْرَةٌ ) . قال بعضُهم : ما سَمَّاهُ الله في القرآن كبيراً أو عظيماً فهو كبيرةٌ ، نحوَ قولهِ : { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } [ النساء : 2 ] { إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } [ الإسراء : 31 ] { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ] { سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } [ النور : 16 ] { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [ يوسف : 28 ] { إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } [ الأحزاب : 53 ] . وقال سفيانُ الثوريُّ : ( الْكَبَائِرُ مَا كَانَ مِنَ الْمَظَالِمِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْعِبَادِ ، وَالصَّغَائِرُ مَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ لأَنَّ اللهَ كَرِيْمٌ يَعْفُو ) . وَقِيْلَ : الكبيرُ ما نَهى اللهُ عنه من الذنوب الكبائرِ والسيِّئات مقدماتُها وأتبعها مثلُ النظرةِ واللَّمسة والقُبلةِ وأشباهِها . وَقِيْلَ : الكبيرةُ ما قَبُحَ في العقلِ والطبع مثل القَتْلِ والظُّلْمِ والزنا والكذب والنميمة ونحوها . وقال بعضُهم : الكبائرُ ما يستحقِرهُ العبدُ ، والصغائرُ ما يستقطعه فيخافُ منه .