Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 90-90)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } ؛ هذا استثناءٌ لِمَنِ اتَّصَلَ من الكفار بقومٍ بينهم وبين المسلمينَ مِيْثَاقٌ ، قال ابنُ عبَّاس : ( أرَادَ بالْقَوْمِ الأَسْلَمِيِّينَ ، وَادَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أبَا بُرْدَةَ هِلاَلَ بنَ عُوَيْمِرَ الأَسْلَمِيَّ وَأَصْحَابَهُ عَلَى أنْ لاَ يُعِينُوهُ وَلاَ يُعِيْنُوا عَلَيْهِ ، فَمَنْ وَصَلَ إلَيْهِمْ وَلَحِقَ بهِمْ بالأَنْسَاب أوْ بالْوَلاَءِ ) يعني : لجأَ أحدٌ من الكفار في عهدِ الأسلَمِيِّينَ على حَسْب ما كان بين يدَي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وبينَ قُريشٍ من الموادعة ؛ فدخلت خُزاعَةُ في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ودخلت بَنُو كِنَانَةَ في عهدِ قُرَيشٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ } ؛ معناهُ : ويَصِلُونَ إلى قومٍ جاؤُكم ضَاقَتْ صدورُهم أن يقاتِلوكُم مع قومِهم ، { أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ } ؛ معكُم وهم بَنُو مُدْلَجٍ ، { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ } ؛ لَسَلَّطَ قوم هلالِ بن عويْمِر ، وبنِي مُدْلَجٍ عليكم ، { فَلَقَاتَلُوكُمْ } ؛ كما قَتَلْتُمُوهُمْ ظالِمين لهم ، { فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ } ؛ أي فإنْ تركوكُم فلم يقاتِلُوكم مع قومِهم ، واستسلَمُوا أو خَضَعُوا بالصُّلح والوفاءِ ، { فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً } ؛ أي حُجَّةً في القتالِ وقال أهلُ النَّحْوِ : معنى { أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } أي حَصِرَتْ . و { حَصِرَتْ } لا يكون حالاً إلاّ بعدَ ؛ قالوا : ويجوزُ أن يكون { حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } خبراً بعد خبرٍ ؛ كأنه قالَ : أو جاؤُكم ، ثم أخبرَ بعدُ فقالَ : { حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أنْ يُقَاتِلُوكُمْ } . وفي الشواذِّ : ( أوْ جَاؤُكمُ حَصْرَةَ صُدُورُهُمْ ) . وأمَّا اللامُ في { لَسَلَّطَهُمْ } فجوابُ { لَوْ شَاءَ اللهُ } ، واللاَّمُ في { فَلَقَاتَلُوكُمْ } للبدلية ، والفاءُ فاءُ عطفٍ بمنْزِلة الواو . وقد رويَ عن عطاءِ عنِ ابنِ عبَّاس : ( أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بقَوْلِهِ { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ النساء : 89 ] بآيَةِ السَّيْفِ ، هِيَ مُعَاهَدَةُ الْمُشْرِكِيْنَ وَمَوَادَعَتُهُمْ مَنْسُوخَةٌ بقَوْلِهِ : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] ) . ولأن الله تعالى أعَزَّ الإسلامَ وأهلَهُ ؛ فلا يُقْبَلُ من مشركي العرب إلاّ الإسلامُ أو السَّيْفُ بهذه الآيةِ ، وقد أمرَنا اللهُ تعالى في أهلِ الكتاب بقتالِهم حتى يُسْلِمُوا أو يُعْطُوا الجزيةَ بقوله تعالى : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ التوبة : 29 ] إلى قولهِ تعالى : { وَهُمْ صَاغِرُونَ } [ التوبة : 29 ] فلا يجوزُ مُدَاهَنَةُ الكفَّار وتركُ أحدِهم على الكفرِ من غيرِ جِزْيَةٍ إذا كان بالمسلمين قُوَّةٌ على القتالِ ، وأما إذا عَجَزُوا عن مقاومتِهم وخافُوا على أنفسِهم وذراريهم جازَ لَهم مهادنةُ العدوِّ من غير جزيةٍ يؤدُّونَها إليهم ؛ لأن حَظْرَ الموادعةِ كان لسبب القوَّة ؛ فإذا زالَ السببُ زالَ الْحَظْرُ .