Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 57-57)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } ؛ أي هذا أكبرُ من خلقِ بغير عَمَدٍ وجريانِ الأفلاكِ بالكواكب فيه أعظمُ في النفسِ وأهْوَلُ في الصدر من خلقِ الناس ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ } ؛ الكفار ، { لاَ يَعْلَمُونَ } ؛ حين لا يستدُّلون بذلك على توحيدِ خالِقِهما وقدرتهِ على ما هو أعظمُ من خلقِ الدجَّالِ ، وعلى أنْ يمنِعَ المسلمين من غَلَبَتِهِ عليهم . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلاَثُ سِنِينَ ، أوَّلُ سَنَةٍ تُمْسِكُ السَّمَاءُ ثُلُثَ قَطْرِهَا وَالأَرْضُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا ، وَالثَّانِيَةُ تُمْسِكُ ثُلُثَي قَطْرِهَا وَالأَرْضُ ثُلُثَي نَبَاتِهَا ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ تُمْسِكُ السَّمَاءُ مَا فِيْهَا وَالأَرْضُ وَمَا فِيْهَا ، وَيَهْلَكُ كُلُّ ذاتِ ظِلْفٍ وَضِرْسٍ " . وعن أبي أُمامةَ الباهليِّ قال : " خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَوْمٍ ، فَكَانَ أكْثَرُ خُطْبَتِهِ أنْ يُحَدِّثَنَا عَنِ الدَّجَّالِ وَيُحَذِّرَنَا ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ : " أيُّهَا النَّاسُ ؛ إنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ أعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ نَبيّاً إلاَّ حَذرَ أُمَّتَهُ مِنْهُ ، وَأَنَا آخِرُ الأَنْبِيَاءِ وَأنْتُمْ آخِرُ الأُمَمِ ، وَهُوَ خَارجٌ فِيكُمْ لاَ مَحَالَةَ ، فَإنْ يَخْرُجْ وَأنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُ كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَإنْ يَخْرُجْ بَعْدِي فَكُلُّ امْرِئٍ حَجِيجُ نَفْسِهِ ، وَاللهُ تَعَالَى خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ . أنَّهُ يَخْرُجُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ يَعِيثُ يَمِيناً وَيَعِيثُ شِمَالاً ، فَيَا عِبَادَ اللهِ اثْبُتُوا ، فَإنَّهُ يَبْدَأ فَيَقُولُ : أنَا نَبيٌّ وَلاَ نَبيَّ بَعْدِي ! ثُمَّ يُثْنِي وَيَقُولُ : أنَا رَبُّكُمْ ! وَلَنْ تَرَوا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا ، وَإنَّهُ أعْوَرٌ وَلَيْسَ رَبُّكُمْ بأَعْوَرَ ، وَإنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ : كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَتْفُلْ فِي وَجْهِهِ . وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أنَّ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ ، فَمَنِ ابْتُلِيَ بنَارهِ فَلْيَقْرَأ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ وَيَسْتَغِيثُ باللهِ ، فَتَكُونُ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاَماً ، وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أنَّ مَعَهُ شَيَاطِين يَتَمَثَّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ إنْسَانٍ ، فَيَأْتِي الأَعْرَابيُّ فَيَقُولُ لَهُ : إذا بَعَثْتُ أبَاكَ وَأُمَّكَ وَأهْلَكَ تَشْهَدُ أنِّي رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيَاطِينُهُ عَلَى صَوْتِ أبيهِ وَأُمِّهِ ، فَيَقُولانِ لَهُ : يَا بُنَيَّ اتَّبعْهُ فَإنَّهُ رَبُّكَ ، وَمِنْ فِتْنَتِهِ أنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ فَيَقْتُلُهَا ، ثُمَّ يُحْييهَا اللهُ بَعْدَ ذلِكَ ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ : انْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَذا ، فَإنِّي بَعَثْتُهُ الآنَ وَيَزْعُمُ أنَّ لَهُ رَبّاً غَيْرِي " " . قال مقاتلُ : ( إنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُسَلَّطَ عَلَيْهِ الدَّجَّالُ رَجُلٌ مِنْ جَشْعَم ، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى ، فَيَقُولُ لَهُ الدَّجَّالُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : اللهُ رَبي وَإنَّكَ الدَّجَّالُ عَدُوُّ اللهِ ) . [ وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ يَقُولُ لِلأعْرَابيِّ : أرَأيْتَ إنْ بَعَثْتُ لَكَ أبيكَ وَأُمَّكَ أتَشْهَدُ أنِّي رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيَاطِينُهُ عَلَى صُورَةِ أبيهِ وَأُمِّهِ . وإنَّ أيَّامَهُ أرْبَعِينَ يَوْماً ، فَيَوْمٌ كَالسَّنَةِ ، وَيَوْمٌ دُونَ ذلِكَ ، وَيَوْمٌ كَالشَّهْرِ ، وَيَوْمٌ دُونَ ذلِكَ ، وَيَوْمٌ كَالجُمُعَةِ ، وَيَوْمٌ دُونَ ذلِكَ ، وَآخِرُ أيَّامِهِ كَالشُّرْفَةِ ، فَيُصْبحُ الرَّجُلُ ببَاب الْمَدِينَةِ فَلاَ يَبْلِغُ بَابَهَا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ] . " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ الأََيَّامِ الْقِصَارِ ؟ قَالَ : " تَقْدُرُونَ فِيْهَا كَمَا تَقْدُرُونَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الطِّوَالِ ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ مِنَ الأَرْضِ إلاَّ وَطِئَهُ الرَّجُلُ وَغَلَبَ عَلَيْهِ ، إلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَإنَّهُ لاَ يَأْتِيهِمَا ، وَيَكُونُ إمَامُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بالْمَدِينَةِ رَجُلاً صَالِحاً ، فَيُقَالُ لَهُ : صَلِّ الصُّبْحَ ، فَإذا كَبَّرَ وَدَخَلَ فِي الصَّلاَةِ وَنَزَلَ عِيسَى عليه السلام ، فَإذا رَآهُ ذلِكَ الرَّجُلُ عَرَفَهُ فَيَتَأَخَّرُ لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى ، فَيَضَعُ عِيسَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ : صَلِّ قَائِماً ، أُقِيمَتْ لَكَ الصَّلاَةُ . فَيُصَلِّي عِيسَى وَرَاءَهُ ثُمَّ يَقُولُ : افْتَحُوا الْبَابَ ، فَيُفْتَحُ بَابُ الْمَدِينَةِ ، وَمَعَ الدَّجَّالِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ ألْفَ يَهُودِيٍّ كُلُّهُمْ ذُوو سِلاَحٍ وَسَيْفٍ مُحَلاًّ ، فَإذا نَظَرَ الدَّجَّالُ إلَى عِيسَى ذابَ كَمَا ذابَ الرَّصَاصُ مِنَ النَّار وَالْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فيَقُولُ لَهُ عِيسَى : إنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَفُوتَنِي بهَا ، فَيُدْركُهُ عِنْدَ بَاب كَذا الشَّرْقِيِّ وَهُوَ بَابُ قَتِيلَةَ ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ يَتَوَارَى بهِ يَهُودِيٌّ إلاَّ أنْطَقَ اللهُ ذلِكَ الشَّيْءَ ، فَلاَ شَجَرٌ وَلاَ حَجَرٌ وَلاَ دَابَّةٌ إلاَّ قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللهِ الْمُسْلِمُ هَذا كَافِرٌ فَاقْتُلْهُ . وَيَكُونُ عِيسَى عليه السلام حَكَماً عَدْلاً وَإمَاماً مُقْسِطاً ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالْتَّبَاغُضُ ، وَتُرْفَعُ حُمَةُ كُلَّ دَابَّةٍ حَتَّى يُدْخِلَ الصَّبيُّ يَدَهُ فَمَ الْْحَنَشِ فَلاَ يَضُرُّهُ ، وَيَلْقَى الإنْسَانُ الأَسَدَ فَلاَ يَضُرُّهُ ، وَيَكُونُ الأَسَدُ فِي الإبلِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا ، وَيَكُونُ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا ، وَيَمْلأُ الأَرْضُ إسْلاماً ، وَيُسْلَبُ الْكُفَّارُ مُلْكَهُمْ ، وَلاَ يَكُونُ الْمُلْكُ إلاَّ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَيُبَارَكُ فِي الأَرْزَاقِ حَتَّى أنَّ النَّفَرَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى رُمَّانَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَيَكُونُ الْفَرَسُ بدِرْهَمَيْنِ " وَباللهِ التَّوفِيقُ ) .