Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 13-14)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قًوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } ؛ الآيةُ ، وذلكَ أنَّ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ قَالُواْ : قَدِ الْتَبَسَ عَلَيْنَا أمْرُ مُحَمَّدٍ ، فَلَوِ الْتَمَسْتُمْ رَجُلاً عَالِماً بالشِّعْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالسِّحْرِ فَأَتَاهُ وَكَلَّمْنَاهُ ، وَأتَانَا ببَيَانِ أمْرِهِ . فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبيْعَةَ : وَاللهِ لَقَدْ سَمِعْتُ الشِّعْرَ وَالْكَهَانَةَ وَالسِّحْرَ ، وَعَلِمْتُ مِنْ ذلِكَ عِلْماً لاَ يَخْفَى عَلَيَّ إنْ كَانَ كَذلِكَ . فَمَضَى عُتْبَةُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْحَطِيْمِ ، فَكَلَّمَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً إلاَّ قَالَهُ ، وََكَانَ عُتْبَةُ مِنْ أحْسَنِ النَّاسِ حَدِيْثاً ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أنْتَ خَيْرٌ أمْ هَاشِم ؟ أنْتَ خَيْرٌ أمْ عَبْدُ الْمُطََّلِب ؟ أنْتَ خَيْرٌ أمْ عَبْدُ اللهِ ؟ فِيْمَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتُضَلِّلُ آبَاءَنَا ؟ فَإنْ كَانَ ذلِكَ طَلَباً لِلرِّئَاسَةِ عَقَدْنَا لَكَ ألْوِيَتَنَا وَكُنْتَ رَأسَنَا مَا بَقِيْتَ ، وَإنْ كَانَ لَكَ الْبَاءهُ زَوَّجْنَاكَ عَشْرَ نِسْوَةٍ مِمَّنْ تَخْتَارُ مِنْ بَنَاتِ قُرَيْشٍ ، وَإنْ كَانَ بكَ الْمَالُ جَمَعْنَا لَكَ مَا تَسْتَغْنِي بهِ أنْتَ وَعَقِبُكَ مِنْ بَعْدِكَ . وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاكِتٌ لاَ يَتَكَلَّمُ . فَلَمَّا فَرَغَ عُتْبَةُ مِنْ كَلاَمِهِ قَرَأ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ { حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ … } إلَى قَوْلِهِ { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } . فَوَثَبَ عُتْبَةُ فَزَعاً مَخَافَةَ أنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ الَّذِي خَوَّفَهُ بهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَى قَوْمَهُ مَذْعُوراً وَأقْسَمَ لاَ يُكَلِّمُ مُحَمَّداً بَعْدَهَا أبَداً . فَقَالَ لَهُ أبُو جَهْلٍ : لَعَلَّكَ صَبَوْتَ إلَى مُحَمَّدٍ ، وَمَا ذاكَ إلاَّ مِنْ حَاجَةٍ أصَابَتْكَ ، وَإنْ كَانَ بكَ حَاجَةٌ جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أمْوَالِنَا مَا يُغْنِيْكَ عَنْ مُحَمَّدٍ ! فَغَضِبَ عُتْبَةُ وَقَالَ : وَاللهِ لَقَدْ كَانَ أبي مِنْ أكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً ، وَلَكِنْ أتَيْتُهُ وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَأَجَابَنِي بشَيْءٍ وَاللهِ مَا هُوَ بشِعْرٍ وَلاَ كَهَانَةٍ وَلاَ سِحْرٍ ، وَاللهِ مَا اهْتَدَيْتُ لِجَوَابهِ . فَقَالَ حَرْثُ بْنُ عَلْقَمَةَ : وَاللهِ لَقَدْ أفْسَدَ هَذا الرَّجُلُ دِيْنَنَا وَفَرَّقَ بَيْنَ كَلِمَتِنَا ، وَأيْمِ اللهِ لَئِنْ بَقِيَ هَذا الرَّجُلُ وَيُقِيْمُ لَيَكُونَنًّ بَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ، وَسَيَبيْنُ ذلِكَ لَكُمْ إذا خَرَجَ مِنْكُمْ إلَى غَيْرِكُمْ ، فَذرُوهُ مَا تَرَكَكُمْ . ومعنى الآيةِ : فإنْ أعرَضُوا عنِ الإيْمَانِ بكَ ولَمْ يقبَلوا قولكَ بعد هذا البيانِ ، فقُلْ : خوَّفْتُكم عَذاباً مثلَ عذاب قوم هودٍ وقوم صالِح . والصَّاعِقَةُ : هو الهلاكُ على حالةٍ هائلةٍ . وقولهُ تعالى : { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي إذا جاءتهم الرسلُ إلى مَن كان قبلَهُم فعلِمُوا بتواترِ الأخبار . ثم إنَّهم الرسلُ أيضاً من خَلَفِ مَن كان قبلَهم بأن لا يعبدُوا إلاّ اللهَ ، { قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } ؛ أي لو شاءَ رَبُّنا أنْ ينَزِّلَ إلينا رسُولاً لأنزلَ ملائكةً من جُندهِ ، { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } ؛ ما أنتم إلاّ بشرٌ مثلُنا . ويجوز أن يكونَ معنى { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } بأن الرُّسُلَ أتَتْهُمْ من جميعِ جِهاتِهم .