Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-17)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } ؛ أي جَعل الكفارُ للهِ تعالى من عبادهِ جُزءاً ؛ لأنَّهم قالوا : الملائكةُ بنات اللهِ ، فوصَفُوا عبادَ اللهِ بأنَّهم جزءٌ من اللهِ ، وقد تقدَّمَ أن الذين قالوا هذا القولَ حيٌّ من خزاعةَ ، ومعنى الجعلُ ها هنا الحكمُ بالشيءِ ، والوصفُ والتسمية كما جعلَ فلانٌ زيداً مِن أعلمِ الناس ؛ أي وصفَهُ بذلك ، ويقالُ : إن الْجُزْءَ في كلامِ العرب عبارةٌ عن الأُنثى كما قال الشاعرُ : @ إنْ أجْزَأتْ حُرَّةٌ يَوْماً فَلاَ عَجَبٌ قَدْ تُجْزِئُ الْحُرَّةُ الْمِذْكَارُ أحْيَانَا @@ أرادَ بـ ( أجْزَأتْ ) : ولَدَت أُنثى . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } ؛ أرادَ بالإنسانِ الكافرَ ، وقولهُ تعالى { لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } أي لَجَحُودٌ لنِعَمِ اللهِ ، { مُّبِينٌ } ظاهرُ الكُفرَانِ . ثُم أنكرَ عليهم هذا فقالَ تعالى : { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } ؛ هذا استفهامُ توبيخٍ وإنكار ، يقولوا : أتَّخَذ ربُّكم لنفسهِ البنات وأصفاكم بالبنينِ وأخلَصَكم بهم . والمعنى : كيف اختارَ لنفسهِ أهونَ قِسْمَي الولدِ ، واختارَ لكم أعلَى القِسمَين ، والحكمةُ لا توجبُ أن يختارَ الحكيمُ الأدوَنَ لنفسهِ والأعلَى لغيرهِ . ثم وصَفَ كراهتَهم بالبناتِ ، فقالَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } ؛ أي وإذا أُخبر أحدُهم بما وصفَ للرحمنِ من إضافةِ البنت إليه صارَ وجههُ مُسْوَدّاً متغَيِّراً يُعرَفُ فيه الحزنُ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَهُوَ كَظِيمٌ } ؛ أي يتردَّدُ حُزنهُ في جَوفهِ . وقد تقدم تفسيرهُ في سورة النحلِ .