Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 31-32)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ؛ أي قال كفَّارُ مكَّة : هلاَّ نُزِّلَ هذا القرآنُ على رجلٍ من القَريتَينِ مكَّة والطائف ، وعَنَوا بالرَّجُلين إما الوليدَ بنَ المغيرةِ من مكَّة ، وإما أبا مسعودٍ الثقفيِّ من الطائفِ ، ظَنُّوا بجهلِهم أنَّ استحقاقَ النبوَّة إنما يكون بشَرفِ الدُّنيا مع اعترافِهم بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مِن أرفعِهم نَسباً . فقالَ اللهُ تعالى ردّاً عليهم وإنكاراً لِمَا قالوا : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } ؛ يعني النبوَّةَ التي هي مِن أعظمِ النِّعَمِ ، وذلك أنَّهم اعترَضُوا على اللهِ بقولِهم : لِمَ لَمْ ينْزِل هذا القرآنُ على غيرِ مُحَمَّدٍ ، فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنه الذي يقسِمُ النبوَّةَ لا غيرهُ . قال مقاتلُ : ( يَقُولُ اللهُ تَعَالَى : أبأَيْدِيهِمْ مَفَاتِيحُ الرِّسَالَةِ فَيَضَعُونَهَا حَيْثُ شَاؤُا ) . فبيَّن اللهُ تعالى أنه لَمْ يجعَلْ أمرَ معايشِهم مع قلَّةِ خطرِ ذلك إلى رأيهم ، بل رفعَ بعضَهم فوقَ بعضٍ في الرِّزقِ ، وتلقاه شذ على ما تُوجبهُ الحكمةُ ، فقال تعالى : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ؛ أي قسَمنا الرزقَ في المعيشةِ ، وليس لأحدٍ أن يتحكَّمَ في شيءٍ من ذلك ، فكيف نجعلُ أمرَ النبوَّة مع عِظَمِ قَدرهِ ورفعةِ شأنه إلى رأيهم ، قال قتادةُ في معنى ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ ) : ( تَلْقَى الرَّجُلَ ضَعِيفَ الْحِيلَةِ عَيَّ اللِّسَانِ وَهُوَ مَبْسُوطٌ فِي الرِّزْقِ ، وَتَلْقَاهُ شَدِيدَ الْحِيلَةِ بَسِطَ اللِّسَانِ وَهُوَ مُقَتَّرٌ عَلَيْهِ ) . وقولهُ تعالى : { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } ؛ يعني الفضل في الغنى والمال { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } ؛ أي ليستخدِمَ بعضُهم بعضاً ، فيُسخِّر الأغنياءُ بأموالهم الفقراءَ لِيلتَئِمَ قِوَامُ أمرِ العالَم ، وقال قتادةُ : ( لِيَمْلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَتَّخِذُونَهُمْ عَبيداً وَمََمَالِيكَ ) . والسِّخْرِيُّ بالكسرِ مِن الاستهزاءِ ، وبالضَّم من التسخيرِ . وقولهُ تعالى : { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } ؛ أي وما خصَّكَ اللهُ به من النبوَّةِ خيرٌ لكَ مما يجمَعُون من المالِ . وَقِيْلَ : معناهُ : ورحمةُ ربكَ يعني الجنَّةَ للمؤمنين خيرٌ مما يجمَعُ الكفَّارُ من الأموالِ .