Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 10-10)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ } ، يعني بيعةَ الرِّضوان بالحديبيةِ ، { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } بايَعُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم على أنْ لا يفِرُّوا ويقاتِلُوا ، بايعَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم تحتَ شجرةٍ استظلَّ بها بالحديبيةِ ، وكان الذين بايعوهُ نحوَ ألفِ رجُلٍ وخمسمائة رجل ، بايعوهُ على النُّصرَةِ والنُّصحِ والسمعِ والطاعة ، وأن لا يفِرُّوا من العدوِّ . ومعنى الآيةِ : إنَّ الذين يُبايعونكَ يا مُحَمَّدُ بالحديبيةِ على أن لا يفِرُّوا ، إنما يُبايعُون في ذاتِ الله ، ليس أنتَ المرادُ بذلك ، بل المرادُ به القيامُ بعبادةِ الله . وَقِيْلَ : المرادُ بذلك أنَّهم بَاعُوا اللهَ أنفُسَهم بالجنَّة . وقولهُ تعالى : { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } ، أي نِعمَةُ اللهِ في الهدايةِ فوقَ أيديهم في الطاعة ، يعني إحسانَ اللهِ إليهم بأن هدَاهُم للإيمانِ أبلغُ وأتَمُّ من إحسانِهم إليكَ بالنُّصرة والبيعةِ ، وقال ابنُ كَيسان : ( مَعْنَاهُ : قُوَّةُ اللهِ وَنُصْرَتُهُ فَوْقَ أيْدِيهِمْ وَنُصْرَتِهِمْ ؛ أي اتَّقِ باللهِ وَنُصْرَتِهِ لَكَ لاَ بنُصْرَتِهِمْ ، وَإنْ بَايَعُوكَ ) ، وقال : مَعْنَاهُ : يَدُ اللهِ فِي الثَّوَاب وَالْوَفَاءِ لَهُمْ فَوْقَ أيْدِيهِمْ في الوفاء ، فَإنَّهُمْ لَوْ وَفَّوا بمَا ضَمِنُوا فَاللهُ أوْفَى بمَا ضَمِنَ ، وَأقْدَرُ عَلَى ذلِكَ ) . واليدُ ها هنا هي القُدْرَةُ . قولهُ : { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } ؛ أي مَن نقضَ عقدَ البيعةِ فضررُ نقضهِ عائدٌ عليه ، وليس له الجنَّةُ ولا كرامةٌ ، { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ } ؛ مِن البيعة فتَمَّ على ذلك واستقامَ ، { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } ؛ فسيعطيهِ اللهُ في الآخرةِ ثَواباً عظيماً في الجنة . ورُوي أنَّ هؤلاء المبايعين لم ينقُضْ أحدٌ منهم البيعةَ ؛ لأنَّهم كانوا مُخلِصين ، ولذلك قالَ اللهُ { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } [ الفتح : 18 ] رضاهُ عنهم دليلٌ على أنَّهم كانوا مُؤمنين على الحقيقةِ ، أولياءَ الله أهلَ النُّصرة ، والذي لَمْ يدخُلْ معهم في البيعةِ يومئذٍ إلا رجلٌ من المنافقِين يقال له جَدُّ بن قيسٍ ، اختبأ يومئذ تحتَ إبطِ بَعيرهِ ولم يدخُلْ في بيعتِهم ، أماتَهُ اللهُ على نفاقهِ .