Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 13-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } ؛ نزَلت في نفَرٍ من قريشٍ قالوا حِينَ سَمعوا أذانَ بلالٍ : أمَا وجدَ مُحَمَّدٌ مؤذِّناً غيرَ هذا الغُراب ؟ والمعنى : يا أيُّها النَّاسُ إنا خلَقنَاكم من آدمَ وحوَّاء ، فكلُّكم مُتساوون في النَّسب ، لأنَّ كلَّكم يرجعُ إلى أبٍ واحد وأُمٍّ واحدةٍ . ومعنى الآيةِ : الزَّجرُ عن التفاخُر بالأنساب ، قال صلى الله عليه وسلم : " إنَّمَا أنْتُمْ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأةٍ وَاحِدَةٍ ، لَيْسَ لأَحَدٍ عَلَى أحَدٍ فَضُلٌ إلاَّ بالتَّقْوَى " . ثُم ذكرَ أنه إنما فرَّقَ أنسابَ الناسِ ليتعَارفُوا لا ليتفَاخَرُوا فقالَ تعالى : { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ } ؛ الشُّعوب جمعُ شَعبٍ بفتح الشِّين ؛ وهو الحيُّ العظيمُ مثل رَبيعةَ ومُضَرَ ، والقبائلُ دونَها وهو كبَكرٍ من ربيعةَ ، وتَميم من مُضر ، هذا قولُ جماعةٍ من المفسِّرين . ورَوى عطاءُ عن ابن عباس أنه قال : " يُرِيدُ بالشُّعُوب الْمَوَالِي ، وَبالْقَبَائِلِ الْعَرَبَ ) وإلى هذا ذهبَ قومٌ فقالوا : الشُّعوب من العجَمِ مَن لا يُعرَفُ لهم أصلُ نَسَبٍ كالهندِ والتُّرك ، والقبائلُ من العرب . وَقِيْلَ : معناهُ : وجعلَكم متشَعِّبين مفرَّقين نحو العرب وفارسَ والرُّوم والهند وقبائلِ العرب وبيوتات العجَمِ . والشِّعبُ بكسرِ الشين : الطريقُ في الجبلِ ، وجمعه شِعَابٌ . والحاصلُ أنَّ الشعوبَ رُؤوسُ القبائلِ مثلَ رَبيعةَ ومُضر والأوسَ والخزرجَ ، والقبائلُ دُونَ الشُّعوب وهم كبكرٍ من ربيعةَ وتَميم من مُضر ، ودونَ القبائلِ العَمَائِرُ ؛ واحدَتُها عَمَارَةٌ بفتحِ العين ، وهم كشَيبان من بكرٍ ودَارمِ من تَميم ، ودونَ العمائرِ البطونُ ؛ واحدُها بطنٌ وهو كبَني غالبٍ ولُؤَي من قريشٍ ، ودونَ البُطونِ الأفخاذُ ؛ واحدُها فَخْذٌ وهم بني هاشمٍ وبني أُمية من لُؤي ، ثم الفصَائِلُ واحدها فَصِيلَةٌ وعشيرةٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِتَعَارَفُوۤاْ } أي ليَعرِف بعضَكم بعضاً في النَّسَب لا لتُفاخِرُوا فيما بينَكم ، كما أنَّ اللهَ تعالى خَالَفَ بين خَلقِكم وصُوَركم لتَعرِفُوا بعضَكم بعضاً ، وقرأ الأعمشُ ( لِتَعَارَفُوا ) وقرأ ابنُ عبَّاس ( لِتَعْرِفُوا ) بغير ألفِ . وقولهُ تعالى : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ؛ ( أَنَّ أَكْرَمَكُمْ ) بفتحِ الألفِ ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } ؛ معناهُ : إنَّ أكرمَكم في الآخرةِ اتقَاكُم للهِ في الدُّنيا ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللهَ قَدْ أذْهَبَ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعْظِيمِهَا بالآبَاءِ ، النَّاسُ مِنْ آدَمَ ؛ وَآدَمُ مِنَ التُّرَاب ؛ أكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُمْ ، لاَ فَضْلَ لِعَرَبيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إلاَّ بالتَّقْوَى " . وقال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَرَّهُ أنْ يَكُونَ أكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ " وقَالَ : " كَرَمُ الرَّجُلِ دِينُهُ وَتَقْوَاهُ ، وَفَضْلُهُ عَقْلُهُ ، وَحَسَبُهُ خُلُقُهُ " . وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إلَى صُوَركُمْ وَلاَ إلَى أقْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبكُمْ وَأعْمَالِكُمْ ، وَإنَّمَا أنْتُمْ بَنِي آدَمَ ، أكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُمْ " . وقال ابنُ عبَّاس : ( كَرَمُ الدُّنْيَا الْغِنَى ، وَكَرَمُ الآخِرَةِ التَّقْوَى ) ، وقال الشاعرُ :