Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 106-108)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ثَلاثَةِ نَفَرٍ ، خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ إلَى الشَّامِ لِتِجَارَةٍ ، أحَدُهُمْ : عَدِيُّ بْنُ بَدَّاءِ ، وَالآخَرُ عَامِرُ بْنُ أوْسٍ الدَّاريُّ ، وَهُمَا نَصْرَانِيَّانِ ، وَالثَّالِثُ بَدِيلُ بْنُ وَرْقَاءَ مَوْلَى عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ ، وَكَانَ مُسْلِماً مُهَاجِراً ، فَحَضَرَ بَدِيلَ بْنُ وَرْقَاءَ الْوَفَاةُ وَكَانَ مُسْلِماً ، فَأَوْصَى إلَى صَاحِبَيْهِ ، وَأمَرَهُمَا أنْ يَدْفَعَا مَتَاعَهُ إلَى أهْلِهِ إذا رَجَعَا ، فَمَاتَ بَدِيلُ فَفَتَّشَا مَتَاعَهُ ، وَأخَذا مِنْهُ إنَاءً مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشاً بالذهَب كَانَ فِيهِ ثَلاَثُُمِائَةِ مِثْقَالٍ . فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِيْنَةَ وَسَلَّمَا الْمَتَاعَ إلَى أهْلِهِ ، وَجَدَ أهْلُهُ كِتَاباً فِي دُرْجِ الْثِّيَاب فِيْهِ أسْمَاءُ الأمْتِعَةِ ، قَالُوا لَهُمَا : هَلْ بَاعَ صَاحِبُكُمَا شَيئاً مِنْ مَتَاعِهِ ؟ قَالاَ : لاَ ، فَهَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ شَيْئاً ؟ قَالاَ : لاَ ، إنَّمَا مَرِضَ حِينَ قَدِمَ الْبَلََدَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أنْ مَاتَ . فَقَالَ لَهُمَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُطَّلِبُ ابْنُ أبي وَدَاعَةَ : فإنَّا وَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ صَحِيفَةً فِيهَا تَسْمِيَةُ مَتَاعِهِ ، وَفِيْهَا إنَاءٌ مَنْقُوشٌ مُمَوَّهٌ بالذهَب فِيْهِ ثَلاَثُمِائَةِ مِثْقَالٍ . قَالاَ : مَا نَدْري ، إنَّمَا أوْصَى إلَيْنَا بشَيْءٍ وَأَمَرَنَا أنْ نَدْفَعَهُ إلَيْكُمْ فَدَفَعْنَاهُ . فَرَفَعُوهُمَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذكَرُوا ذلِكَ لَهُ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ . ومعناها : يا أيُّها الذين آمَنوا شهادةُ الحالِ الذي بينكم إذا حضرَ أحدَكم الموتُ فأراد الوصيَّةَ شهادةُ اثنين ذوي عدلٍ منكم ؛ أي من أهل دينِكم . وهذه جملةٌ تامَّة تتناولُ حكمَ الشَّهادة على الوصيَّة في الحضر والسفرِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } ؛ مقيَّدٌ بالسَّفرِ خاصَّة ، معناهُ : أو آخَران من غير أهل دينكم ، { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } ؛ إن أنتم سافَرتُم في الأرضِ ، { فَأَصَابَتْكُم } ؛ في السَّفرِ ، { مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } ؛ ولم يكن يحضرُكم مسلمون . قَوْلُهُ تَعَالَى : { تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ } ؛ أي تَقِفونَهما وهما النصرانيَّان ، والمرادُ بقوله : { بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ } بعد صلاةِ العصر كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقضي بعدَ صلاة العصرِ وهو وقتُ اجتماعِ الناس ، وأهلُ الكتاب يعظِّمونَهُ ، { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً } ؛ أي الشَّاهدان النصرانيان يَحلفان باللهِ إذا ادَّعى عليهما ورثةُ الميِّت بسبب شأنِهم في جِنايتهما ، ويقولان في اليمينِ : لاَ نشتري بهذا القول الذي نقولهُ بأنا دفَعنا المالَ جميعه إليكم عَرَضاً يَسِيراً من الدُّنيا ، { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } ؛ أي وإن كان الميْتُ ذا قرابةٍ منَّا في الرَّحِمِ ؛ أي لم نَخُنْ في التِّركة لقرابته منَّا . رُوي أنه كان بين الميْتِ المسلمِ وبين هذين النصرانيين قرابةٌ في الرَّحِم ، ومعنى قوله : { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } أي شَكَكْتُمْ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ } ؛ أي ويقولون في اليمينِ : ولا نكتمُ شهادةَ اللهِ ، { إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } ؛ أي العاصِين إنْ كتَمنَاهما كما قالَ تعالى في آيةٍ أخرى { وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } [ البقرة : 283 ] . وإنَّما أضافَ الشهادة إلى اللهِ تعالى تَعظيماً لها وتَهويلاً لأمرِها ، وقرأ بعضُهم : ( شَهَادَةً اللهَ ) بتنوينِ ( شَهَادَةً ) ونصب اسم ( اللهَ ) على معنى : لا نكتمُ للهَ شهادةً ، وقرأ الشعبيُّ : ( شَهَادَةً اللهِ ) بتنوينِ ( شَهَادَةً ) ، وخفض الهاءِ من اسم ( اللهِ ) موصولاً على القسَمِ ، تقديرهُ : إي واللهِ . وقرأ أبو جعفرٍ ( شَهَادَةً ) بالتَّنوينِ ( اللهِ ) بقطع الألف وكسرِ الهاء على معنى : ولا نكتمُ شهادةَ اللهِ ، بالاستفهام وكسرِ الهاء فجعلَ الاستفهام عِوَضاً عن حرفِ القسَمِ . قال ابنُ عبَّاس : ( فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ، صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الْعَصْرِ وَحَلَّفَهُمَا بَعْدَ الصَّلاَةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ بالَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ أنَّهُمَا لَمْ يَخْتَانَا - يَخُونَا - شَيْئاً مِمَّا دَفَعَ إلَيْهِمَا بَدِيلٌ ، فَحَلَفَا ، فَخَلَّى عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ سَبيلَهُمَا . فَمَكَثَا بَعْدَ ذلِكَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ ظَهَرَ الإنَاءُ ، فَبَلَغَ الْوَرَثَةَ ذلِكَ ، فَسَأَلُوا الَّذِي بيدِهِ الإنَاءُ فَقَالَ : اشْتَرَيَتُهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ ) . قِيْلَ : إنَّهُ لَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةَ أظْهَرَا الإنَاءَ وَلَمْ يَبيعَاهُ ، فَقَالَ لَهُمَا الْوَرَثَةُ : إنَّمَا حَلَفْتُمَا فَمَا بَالُ الإنَاءِ مَعَكُمَا ؟ فَقَالاَ : إنَّا كُنَّا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بَيِّنَةٌ ، فَكَرِهْنَا أنْ نُقِرَّ بهِ لَكُمْ فَتَأْخُذُوهُ . فَاخْتَصَمُواْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهُ تَعَالَى : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ } . معناهُ : فإن اطلعَ على أن الوصيَّين استوجبَا ذنباً بالخيانةِ واليمين الفاجرةِ حيث قالاَ : إنَّ الميتَ لم يبعْ شَيئاً من متاعهِ ، ثم قالا بعدَ ظُهور الإناءِ في أيديهما أنَّهما ابتاعاهُ منه ، فآخَران من أولياءِ الميْت وهما عمرُو بن العاصِ والمطَّلب بن أبي وداعةَ ، يقومَان مقامَ النصرانيِّين الخائنَين في اليمينِ ، فيحلِفان باللهِ ، { لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ } ؛ بأنَّ الإناءَ لصاحِبنا ، وأنَّهما لا يَعلمان بأن الميتَ باعَهُ في حياتهِ ، { مِن شَهَادَتِهِمَا } ؛ أي أعدلُ وأحقُّ بالقبولِ من شهادة النصرانيَّين ، { وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ } ؛ فيما ادَّعينا وحلَفنا ، { إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } ؛ على أنفسنا لو اعتدينا . وقوله : { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ } راجعٌ إلى قوله { فَآخَرَانِ } ، و { ٱلأَوْلَيَانِ } بدلٌ من ( آخَرَانِ ) كأنه قال : وآخَرَانِ مِن الَّذين استحقَّ عليهم الوصيةُ ، وهم ورثةُ الميْت وأولياؤهُ ، وهما الأَولَيَانِ بالميْت . ويقال : الأولَيان باليمينِ يقومان مقامَ النصرانيِّين في اليمينِ ، ويقالُ : معنى { اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ } أي استحقَّ فيهم الإثمَ وهم الورثةُ ، استحقَّ النصرانيَّان الإثمَ بسببهم ، وقد تُقام على مقام ( فِي ) ، كما في قولهِ تعالى : { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } [ طه : 71 ] . واحدُ الأَولَيان : الوَلَى ، والجمعُ : الأَوْلَون ، والأُنثى الْوَلْيَاءُ ، والجمع الْوَلَيَاتُ والولي . وقرأ الحسنُ وحفص : ( مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ ) بفتحِ التاءِ والحاء ؛ أي وجبَ عليهم الإثْمُ ، ثم قال { ٱلأَوْلَيَانِ } راجعٌ إلى قوله { فَآخَرَانِ } الأوليان ، ولم يرتفِعُ بالاستحقاقِ . وقرأ الباقون ( اسْتُحِقَّ ) بضمِّ التاء وكسرِ الحاء على المجهولِ ، يعني الذين استُحِقَّ فيهم ولأَجلِهم الإثمُ وهم ورثةُ الميت ، استُحِق الحالِفان بسببهم وفيهم الإثم . وقرأ الحسنُ : ( مِنَ الَّّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الأوَّلاَنِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا } أي يَمينُنا من يمينِهما ، ونظيرهُ { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ } [ النور : 6 ] أراد الأَيمانَ . فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ حَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَالْمُطَّلِبَ بْنَ أبي وَدَاعَةَ ، فَحَلَفَا فَدَفَعَا الْمَتَاعَ إلى أوْلِيَاءِ الْمَيْتِ . قال ابنُ عبَّاس : ( فَذَكَرْتُ هَذِهِ الآيَةَ لِتَمِيمَ بَعْدَ مَا أسْلَمَ فَقَالَ : صَدَقَ اللهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ ، أنَا أخَذْتُ الإنَاءَ ، فَأَتُوبُ إلَى اللهِ وَأسْتَغْفِرُهُ ) . وإنَّما نُقلت اليمين إلى الأولياءِ ؛ لأن الوصيِّين صحَّ عليهما الإناءُ ، ثم ادعيا أنَّهما ابتاعاهُ ، وكذلك إذا ادَّعى رجلٌ على رجلٍ مالاً ، فأقرَّ المدعَى عليه بذلكَ ، وادَّعى أنه قضاهُ ، فالقولُ قول صاحب المال مع يَمينه ، وكذلك إذا ادَّعى سلعةً في يدِ رجُلٍ فاعترفَ بذلك ، ثم ادَّعى أنه اشتَراها من المدَّعي أو وهبَهُ منه المدعي . وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( عن تَميم الداريِّ قَالَ : بعْنَا الإنَاءَ بأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَاقْتَسَمْنَاهُ أنَا وَعَدِيٍّ ، فَلَمَّا أسْلَمْتُ تأَثَّمْتُ مِنْ ذلِكَ بَعْدَمَا حَلَفْتُ كَاذِباً ، فَأَتَيْتُ أوْلِيَاءَ الْمَيِّتِ فَأَخْبَرْتُهُمْ أنَّ عِنْدَ صَاحِبي مِثْلَهَا ، فَأَتَوا بهِ إلَى النَّبيِّ فَسَأَلَهُمُ الْبَيِّنَةَ ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ ، فَأَمَرَ الأَوْلِيَاءَ أنْ يَحْلِفُوا ، فَحَلَفُوا ، فَأَخَذْتُ الْخَمْسَمِائَة مِنْ عَدِيٍّ وَرَدَدْتُ أنَا الْخَمْسَمِائَةَ ) . فلذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ } ؛ أي ذلك لكم أقربُ إلى أن تقومَ شهودُ الوصيَّة على وجهِها ، { أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } ؛ وأقربُ إلاَّ أن يخافوا أن تُرَدَّ عليهم أيمانُهم بعد أيمانِ المسلمين ، ويقال : أن يُرَدُّ الأيمانُ إلى المدَّعين المسلمين بعد أيمانِ المدعى عليهم الكفَّار . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ } ؛ أي اخشَوهُ أن تحلِفُوا أيماناً كاذبةً أو تخُونوا أمانةً ، { وَٱسْمَعُواْ } ؛ أي أقبَلُوا الموعظةَ ، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } ؛ أي لا يصلحُ أمرَ الخائنين عن طاعةِ الله . رُوي عن مجاهد أنه أخذ بظاهرِ الآية وقال : ( إذا مَاتَ الْمُؤْمِنُ فِي السَّفَرِ ، وَلاَ يَحْضُرُهُ إلاَّ كَافِرٌ ، إنْ أشْهَدَهُمَا عَلَى ذلِكَ ، فَإنْ رَضِيَ وَرَثَتُهُ بذلِكَ ، وَإلاَّ حَلَفَ الشَّاهِدَانِ أنَّّهُمَا صَادِقَانِ ، فَإنْ ظَهَرَا أنُّهُمَا خَانَا ، حَلَفَ اثْنَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ ، وَأبْطِلَتْ أيْمَانُ الشَّاهِدَينِ ) . وعن هذا قال شُريح : ( لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ إلاَّ فِي السَّفَرِ ، وَلاَ يَجُوزُ فِي السَّفَرِ إلاَّ عَلَى الْوَصِيَّةِ ) . وذهبَ أكثرُ الفقهاء إلى أنَّ شهادةَ الكافر لا تُقبل على المسلمِ بوجهٍ من الوجوه ؛ لأنه رُوي أنَّ آيةَ الدَّين من آخرِ ما نَزَلَ من القرآنِ ، وتلك الآيةُ تقتَضِي جوازَ نسخِ شهادة الكافرِ على المسلمين لا محالةَ ؛ لأن قولَهُ تعالى : { وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ } [ البقرة : 282 ] يتناولُ المؤمنين ؛ لأن الخطابَ في تلك الآيةِ يوجَّهُ إليهم باسم الإيمانِ وهو قَوْلُهُ تَعَالَى : { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } .