Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 110-110)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ } ؛ معناهُ : واذكُروا أيُّها المؤمنون { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى } ، ويجوز أنْ يكون عَطفاً على قولِهِ : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } تقديرهُ : إذ يقولُ الله : يا عيسَى بنَ مريَم ، إلاَّ أنه ذكرَهُ بلفظ الماضِي لتقديم ذكرِ الوقت . ومعنى الآيةِ : أظْهِرْ مِنَّتِي عليكَ بالنبوَّة وعلى أمِّك بأن طهَّرتُها واصطفيتُها على نساءِ العالَمين ؛ ليكون حجَّة على من كَفَرَ وادَّعاكَ إلهاً ، فيكون ذلك حسرةً وندامةً عليهم يومئذٍ . والفائدةُ في ذكرِ أمِّهِ : أنَّ الناس تكلَّمُوا فيها كما تكلَّمُوا فيه . ثم عدَّ الله نِعمَةً نعمةً : { إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } ؛ أعَنتُكَ وقرَّبتُكَ بجبريلَ الطاهر حين حاولَتْ بني إسرائيل قتلَكَ ، ويقال : أيَّدتُكَ به في الحجَّة في كلِّ أحوالِكَ . وقوله تعالى : { يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } انتصبَ ( ابْنَ مَرْيَمَ ) لأنه مُنادَى مضافٌ ؛ أي يا عيسى يا ابنَ مريمَ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ } معناهُ : اذكر نِعمَتي ، لفظة واحدةٌ ومعناها الجمعُ ، كقوله تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [ إبراهيم : 34 ] أي نِعَمَ اللهِ ، لأنَّ العددَ لا يقعُ على الواحدِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } ؛ أي تكلِّمُ الناسَ في حِجْرِ أمِّكَ في حالِ صِغَرِكَ ، وتخاطبُهم كَهلاً بعد ثلاثين سَنة ، على صفةٍ واحدة واحداً واحداً ، وذلك من أعظمِ الآيات . ويقال : أرادَ بالمهدِ الذي يُربَّى فيه الطفلُ حين قال لَهم وهو في المهدِ : { إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } [ مريم : 30 ] . قال الكلبيُّ : ( مَكَثَ فِي رسَالَتِهِ بَعْدَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً ثَلاَثِينَ شَهْراً ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللهُ إلَيْهِ ) . وَقِيْلَ : ثلاثَ سنين ، ثم رُفع إلى السَّماء وهو ابنُ ثلاثٍ وثلاثين سَنة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } ؛ أي علَّمتُكَ كُتبَ الأنبياء قبلَك والفهمَ ، ويقال : أرادَ بالكتاب الخطَّ بالقلمِ ، وأرادَ بالحكمةِ كلَّ صوابٍ منهنَّ من قول أو فعلٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي } ؛ معناهُ : إذ تُصوِّرُ من الطينِ كَشِبهِ الْخُفَّاشِ بأمرِي ، { فَتَنفُخُ فِيهَا } ؛ أي في الهيئةِ ، { فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي } ؛ يطيرُ بين السَّماء والأرضِ بأمرِ الله ، ويكون النفخُ كنفخِ الرَّاقِي . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي } ؛ الأكمَهُ : الذي وُلد أعمَى ، والأَبْرَصُ : الذي لا تعالِجهُ الأطبَّاء ، وهو الذي إذا غُرزَ الإبرةَ لا يخرجُ منه الدَّم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِيِ } ؛ أي الموتَى تخرِجُهم من قُبورهم احياءَ بإرادتِي ، والمرادُ أنَّ الله تعالى كان يأذنُ له في المسألةِ والدُّعاء ، فيقعُ ذلك عن اللهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَنكَ } ؛ معناه وإذ صَنعتُ ( صَرَفْتُ ) أولادَ يعقوب عنكَ حين هَمَّوا بقتلِكَ ، { إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } ؛ أي بالمعجزاتِ الدالَّة على رسالتِكَ ، { فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا } ؛ أي ما هذا الذي يُرينا عيسى ، { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ؛ سحرٌ ظَاهِرٌ . ومن قرأ ( سَاحِرٌ مُبينٌ ) أراد به عيسَى عليه السلام .