Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 115-115)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ } ؛ أي قالَ اللهُ : يا عيسَى إنِّي مُنزِلٌ المائدةَ عليكم . قرأ أهلُ المدينة والشامِ وقتادة وعاصم : ( مُنَزِّلُهَا ) بالتشديدِ ؛ لأنها نزَلت مِرَاراً ، والتفعيلُ يدلُّ على التكثيرِ مرَّةً بعدَ مرَّةٍ كقوله تعالى { وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } [ الإسراء : 106 ] , وقرأ الباقون بالتخفيفِ كقوله : ( أنزِلْ عَلَيْنَا ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } ؛ أي فمَن يكفُرْ بعدَ نُزول المائدةِ ، وَقِيْلَ : بعد ما أكَلَ من المائدةِ ، فإنِّي أُعذِّبهُ بجنسٍ من العذاب لا أعذِّبُ أحداً من عالَمي زمانِهم بذلك العذاب ، وهو أن جعلَ اللهُ مَن كَفَرَ منهم بعد نزول المائدة خنازيرَ . وَقِيْلَ : أرادَ بهذا عذابَ الآخرةِ ، كما رُوي عن ابنِ عمر أنه قالَ ( أشَدُّ النَّاسِ عَذاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ : الْمُنَافِقُونَ ، وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أصْحَاب الْمَائِدَةِ ، وَآلَ فِرْعَوْنَ ) . ورُوي عن ابنِ عبَّاس في سبب نُزول المائدةِ : ( أنَّ عِيسَى كَانَ إذا خَرَجَ اتَّبَعَهُ خَمْسَةُ آلاَفِ رَجُلٍ أوْ أكْثَرُ مِنْ أصْحَابهِ الَّّذِينَ يَقْتَدُونَ بهِ ، وَأهْلُ الزَّمَانَةِ وَالْمَرْضَى والبطارة ، فَسَلَكَ بهِمْ ذاتَ يَوْمٍ الْقِفَارَ ، فَفَنِيَ طَعَامُهُمْ وَجَاعُواْ جُوعاً شَدِيداً ، فَأَعْلَمَ النَّاسُ تَلاَمِيذهُ الْحَوَارِيِّينَ قَالُواْ : إنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ حَقّاً فَلْيَدْعُ رَبَّهُ يُنَزِّلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ، فَكَلَّمَهُ فِي ذلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْحَوَاريِّينَ يُقَالُ لَهُ : شَمْعُونَ الصَّفَّارُ ، فَقَالَ : قُلْ لَهُمْ يَتَّقُوا اللهَ وَلاَ يَسْأَلُوا لأَنْفُسِهِمْ الْبَلاَءَ ، فَإنَّهُمْ إنْ كَفَرُوا بَعْدَ نُزُولِهَا عَاقَبَهُمُ اللهُ . فَأَخْبَرَهُمْ شَمْعُونُ بذلِكَ ، فَقَالُواْ : ( نُرِيدُ أنْ نأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أنْ قَدْ صَدَقْتَنَا ) . فَقَامَ عِيسَى عليه السلام فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ : ( قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ ) ، ثُمَّ أنْزَلَ اللهُ مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَوْقَهَا مَنَديلُ ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا وَعِيْسَى يَبْكِي ، حَتَّى اسْتَقَرَّتِ الْمَائِدَةُ بَيْنَ يَدَي عِيسَى وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً ، ثُمَّ كَشَفَ الْمِنْدِيلَ وَقَالَ : بِسْمِ اللهِ ، فَإذا عَلَى الْمَائِدَةِ سَمَكَةٌ مَشْوِيَّةٌ لاَ شَوْكَ فِيهَا ، وَالْوَدَكُ يَسِيلُ مِنْهَا ، وَالْخَلُّ عِنْدَ رَأْسِهَا ، وَالْمِلْحُ عَنْدَ ذنَبهَا ، وَعَلَيْهَا أرْبَعَةُ أرْغِفَةٍ ، وَعَلَيْهَا الْبَقُولُ إلاَّ الكُرَّاثُ - قالَ عطيَّةُ : ( كَانَ فِي السَّمَكَةِ طَعْمُ كُلِّ شَيْءٍ ) . فَقَالَ لَهُمْ عِيسَى : كُلُوا مِنْ رزْقِ رَبكُمْ ، فَأَكَلُواْ مِنْهَا ، وَرَجَعَتِ الْمَائِدَةُ كَمَا كَانَتْ ، فَلَمَّا فَرَغَ الْقَوْمُ إلَى قَرَارِهِمْ ، وَبَشَّرُوا هَذا الْحَدِيثَ لِسَائِرِ النَّاسِ ، ضَحِكَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ ، وَقَالَ : وَيْحَكُمْ ! إنَّهُ قَدْ سَحَرَ أعْيُنَكُمْ وَأخَذ بقُلُوبكُمْ . فَمَنْ أرَادَ اللهُ بهِ الخَيْرَ ثبَّتَهُ عَلى الصَّبْرِ ، وَمَنْ أرَادَ فِتْنَتَهُ رَجَعَ إلَى كُفْرِهِ ، فَلَعَنَهُم عِيْسَى فَبَاتُوا لَيْلَتَهُمْ ، ثُمَّ أصْبَحُوا خَنَازيرَ يَنْظُرُ النَّاسُ إلَيْهِمْ ، الذكَرُ ذكَرٌ وَالأُنْثَى أنْثَى وَيَلْعَنُوهُمْ ، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ ثُمَّ هَلَكُواْ ، وَلَمْ يَتَوَالَدُواْ وَلاَ طَعِمُواْ وَلاَ شَرِبُواْ ) . وقال بعضُهم : لَمَّا دعَا عيسى ربَّهُ أن يُنزِّلَ عليهم مائدةً من السَّماء ، أقبَلت الملائكةُ بمائدةٍ يحملونَها ، عليها سبعةُ أرغفةٍ وسبعةُ أحْوَاتٍ حتى وضَعُوها بين أيديهم ، فأكلَ منها آخرُهم كما أكلَ أوَّلُهم . وقال الكلبيُّ : ( دَعَا عِيسَى عليه السلام شَمْعُونَ الصَّفَّارَ ، وَكَانَ أفْضَلَ الْحَوَارِيِّينَ ، فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ طَعَامٌ ؟ قَالَ : نَعَمَ ؛ مَعِي سَمَكَتَانِ وَسَبْعَةُ أرْغِفَةٍ ، قَالَ : عَلَيَّ بهَا ، فَقَطَّعَهَا عِيسَى قِطَعاً صِغَاراً ، ثُمَّ قَالَ : اقْعُدُوا وَتَرَافَقُوا رِفْقَةً ، كُلُّ رفْقَةٍ عَشَرَةٌ ، ثُمَّ قَامَ عِيسَى فَدَعَا اللهَ فَاسْتَجَابَ لَهُ ، وَأنْزَلَ فِيهِ الْبَرَكَةَ ، فَصَارَ خُبْزاً صِحَاحاً وَسَمَكاً صِحَاحاً ، ثُمَّ قَالَ : كُلُوا بسْمِ اللهِ ، فَجُعِلَ الطَّعَامُ يَكْثُرُ حَتَّى بَلَغَ رُكَبَهم ، فَأَكَلُواْ كُلُّهُمْ وَفَضَلَ شَيْءٌ كَثِيرٌ . وَكَانَ النَّاسُ يَوْمَئذٍ خَمْسَةَ آلاَفٍ وَنَيِّفاً ، فَقَالَ النَّاسُ جَمِيعاً : نَشْهَدُ أنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ . ثُمَّ سَأَلُوهُ مَرَّةً أخْرَى ، فَدَعَا عِيسَى فَأَنْزَلَ اللهُ خُبْزاً وَسَمَكاً وَخَمْسَةَ أرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَينِ ، فَصَنَعَ بهَا مَا صَنَعَ بالْمَرَّةِ الأُولَى ، فَلَمَّا رَجَعُوا إلَى بُيُوتِهِمْ وَنَشَرُوا هَذا الْحَدِيثَ ، ضَحِكَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعَاينْ ذلِكَ ، وَقَالُواْ لَهُمْ : إنَّمَا سَحَرَ أعْيُنَكُمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ ثَبَّتَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَتِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ إلَى كُفْرِهِ ، فَمُسِخُوا خَنَازيرَ ) . وعن سَلمان الفارسيِّ رضي الله عنه قال : ( لَمَّا سَأَلَتِ الْحَوَاريونَ عِيسَى أنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ مَائِدَةً ، لَبسَ صُوفاً وَبَكَى ؛ وَقَالَ : اللَّهُمَّ أنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ، وَارْزُقْنَا عَلَيْهَا طَعَاماً نَأْكُلُهُ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازقِينَ ، فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ بَيْنَ غَمَامَتَينِ ، غَمَامَةٌ مِنْ فَوْقِهَا ، وَغَمَامَةُ مِنْ تَحْتِهَا ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا مُنْقَضَّةً تَهْوِي حَتَّى نَزَلَتْ بَيْنَ أيْدِيهِمْ . فَبَكَى عِيسَى وَصَلَّى وَقَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَالْيَهُودُ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا لَمْ يَرَوا مِثْلَهُ قَطْ ، وَلَمْ يَجِدُوا ريحاً أطْيَبَ مِنْ ريحِهِ . فَقَامَ عِيسَى فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكَعَتَينِ صَلاَةً طَوِيلَةً ، وَبَكَى كَثِيراً . وَكَشَفَ الْمِنْدِيلَ عَنْهَا وَقَالَ : بسْمِ اللهِ خَيْرِ الرَّازقِينَ ، فَإذا هِيَ سَمَكَةٌ طَوِيلَةٌ مَشْوِيَّةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فُلُوسُهَا وَلاَ شَوْكَ فِيهَا ، تَسِيلُ سَيْلاً مِنَ الدَّسَمِ ، وَعِنْدَ رَأْسِهَا مِلْحٌ وَعِنْدَ ذَنَبهَا خَلٌّ ، وَحَوْلَهَا مِنْ ألْوَانِ الْبَقُولِ مَا خَلاَ الْكُرَّاثَ ، وَإذا خَمْسَةُ أرْغِفَةٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ ، وَعَلَى الآخَرِ عَسَلٌ ، وَعَلَى الثَّالِثِ بَيْضٌ ، وَعَلَى الرَّابعِ خُبْزٌ ، وَعَلَى الْْخَامِسِ قَدِيدٌ . فَقَالَ شَمْعُونُ : يَا رُوحَ اللهِ أمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذا أمْ مِنْ طَعَامِ الآخِرَةِ ، فَقَالُوا : لاَ مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا وَلاَ مِنْ طَعَامِ الآخِرَةِ ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أنْشَأَهُ اللهُ بقُدْرَتِهِ الْعَالِيَةِ ، فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ يُمْدِدُكُمْ رَبُّكُمْ وَيَزِيدُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أرَيْتَنَا آيَةً أخْرَى ؟ فَقَالَ عِيسَى عليه السلام : يَا سَمَكَةُ احْيَي بإذْنِ اللهِ ، فَاضْطَرَبَتِ السَّمَكَةُ وَعَادَ علَيْهَا فلُوسُها وَشَوْكُهَا ، فَفَزِعُواْ مِنْ ذلِكَ . فَقَالَ : مَا لَكُمْ تَسْأَلُونَ أشْيَاءَ فَإذا أعْطِيتُمُوهَا كَرِهْتُمُوهَا ؟ مَا أخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ أنْ تُعَذبُوا ، يَا سَمَكَةُ عُودِي كَمَا كُنْتِ بإذْنِ اللهِ تَعَالَى ، فَعَادَتْ مَشْوِيَّةً كَمَا كَانَتْ . فَقَالُوا : يَا رُوحَ اللهِ كُنْ أنْتَ أوَّلَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا ثُمَّ نَأْكُلُ نَحْنُ ، فَقَالَ : مَعَاذ اللهِ أنْ آكُلَ مِنْهَا ، وَلَكِنْ يَأْكُلُ مِنْهَا مَنْ سَأَلَهَا . فَخَافُوا أنْ يَأْكُلُواْ مِنْهَا ، فَدَعَا عِيسَى أهْلَ الْفَاقَةِ وَالْمَرْضَى وَأهْلَ الْبَرَصِ وَالْجُذامِ وَالْمُقْعَدِينَ وَالْمُبْتَلِينَ ، فَقَالَ : كُلُوا مِنْ رزْقِ اللهِ لَكُمْ الْمَهَنَأُ وَلِغَيْرِكُمُ الْبَلاَءُ ، فَأَكَلُوا مِنْهَا فَصَدَرَ عَنْهَا ألْفٌ وَثَلاَثُمِائَةٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَاَةٍ وَفَقِيرٍ وَزَمِنٍ وَأبْرَصٍ وَمُبْتَلَى كُلُّهُمْ شَبْعَانُ يَتَجَشَّأُ . ثُمَّ نَظَرَ عِيسَى إلَى السَّمَكَةِ فَإذا هِيَ كَهَيْأَتِهَا ، وَطَارَت الْمَلاَئِكَةُ بالْمَائِدَةِ صُعُداً وَهُمْ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا حَتَّى تَوَارَتْ عَنْهُمْ ، فَلَمْ يَأْكُلْ يَوْمَئِذٍ مِنْهُمْ زَمِنٌ إلاَّ صَحَّ ، وَلاَ مَرِيضٌ إلاَّ بَرِئَ ، وَلاَ مُبْتَلًى إلاَّ عُوفِيَ ، وَلاَ فَقِيرٌ إلاَّ اسْتَغْنَى وَلَمْ يَزَلْ غَنِيّاً حَتَّى يَمُوتَ ، وَنَدِمَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا مِنَ الْحَوَاريِّينَ . وَكَانَتْ إذا نَزَلَتْ اجْتَمَعَ الأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالضُّعَفَاءُ وَالْكِبَارُ وَالصِّغَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ، يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهَا ، فَلَمَّا رَأى ذلِكَ عِيسَى جَعَلَهَا نَوْبَةً بَيْنَهُمْ ، فَلَبثَتْ أرْبَعِينَ صَبَاحاً تَنْزِلُ صُبْحاً ، فَلاَ تَزَالُ مَنْصُوبةً يَأْكُلُونَ مِنْهَا حَتَّى إذا فَاءَ الْفَيْءُ طَارَتْ صُعُداً وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، وَكَانَتْ تَنْزِلُ يَوْماً وَلاَ تَنْزِلُ يَوْماً ، يَعْنِي كَانَتْ تَنْزِلُ غُبّاً كَنَاقَةِ صَالِحَ عليه السلام ، فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إلَى عِيسَى عليه السلام : اجْعَلْ مَائِدَتِي وَرزْقِي لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الأَغْنِيَاءِ ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَى الأَغْنِيَاءَ حَتَّى شَكَوا وشَكَّكُوا النَّاسَ فِيهَا ، وَقَالُوا : تَرَونَ الْمَائِدَةَ حَقّاً نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ ؟ ! فَقَالَ لَهُمْ عِيسَى عليه السلام : هَلَكْتُمْ بعَذاب اللهِ تَعَالَى ، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ : أنِّي شَرَطْتُ عَلَى الْمُكَذِّبينَ شَرْطاً أنَّ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذبْتُهُ عَذاباً لاَ أعَذِّبُهُ أحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ . فَقَالَ عِيسَى : إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ ، وَإنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإنَّكَ أنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . فَمَسَخَ اللهُ مِنْهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةٌ وَثَلاَثُونَ رَجُلاً ، بَاتُوا مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى فُرُشِهِمْ مَعَ نِسَائِهِمْ ، فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ خَنَازيرَ يَسْعَوْنَ فِي الطُّرُقَاتِ وَالْكِنَاسَاتِ ، وَيَأْكُلُونَ الْعُذْرَةَ ، فَلَمَّا رَأى النَّاسُ ذلِكَ فَزِعُوا إلَى عِيسَى عليه السلام ، وَبَكَى عَلَى الْمَمْسُوخِينَ أهْلُوهُمْ ، فَلَمَّا أبْصَرَتِ الْخَنَازِيرُ عِيسَى عليه السلام بَكَتْ وَجَعَلَتْ تَطِيفُ بعِيسَى ، وَجَعَلَ عِيسَى يَدْعُوهُمْ بأَسْمَائِهِمْ وَاحِداً وَاحِداً ، فَيَبْكُونَ وَيَشِيرُونَ برُؤُوسِهِمْ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى الْكَلاَمِ ، فَعَاشُوا ثلاثَةَ أيَّامٍ وَهَلَكُواْ ) .