Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 13-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } ؛ أي فَنَقَضَ اليهودُ ميثاقَهم الذي أخذ عليهم في التَّوراةِ فَبَاعَدْنَاهُمْ من الرحَّمةِ ، وَقِيْلَ : عَذبْنَاهُمْ بالْجِزيَةِ . وَقِيْلَ : مَسَخْنَاهُمْ قِرَدَةً وخَنَازِيْرَ ، ودخولُ ( مَا ) في هذه الآيَةِ صِلَةُ زائدةٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } أي صيَّرنَاها يَابسَةً خاليةٌ من حَلاَوَةِ الإيْمانِ مجازاةً لَهم على معصيتِهم . قرأ يحيَى بن وثَّاب والأعمشُ وحمزة والكسائيُّ : ( قَسِيَّةً ) بتشديدِ اليَاءِ من غيرِ ألِفٍ ، وقرأ الباقون ( قَاسِيَةً ) بألفٍ وهُما لُغتان ، مثلُ زَكِيَّة وَزَاكِيَة ، وَقِيْلَ : معنى ( قَاسِيَةٍ ) : غَلِيْظَةٌ متَكَبرةٌ لا تَقْبَلُ الوعظَ ، وَقِيْلَ : رَدِيْئَةٌ فَاسِدَةٌ ، من الدَّراهمِ القَسِيَّةِ ، وهي المغشوشةُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } . قرأ السلَّمي والنخعيُّ : يحرِّفونَ الكلامَ باللَّفِّ ؛ أي يُغَيِّرُونَ ألفاظَهُ ولا يُقِرُّونَهُ على ما هو عليه في التَّوراةِ ، كما أخبرَ الله تعالى عنهُم مِن لَيِّ ألسِنَتِهم بالكتاب ، وَقِيْلَ : يُغَيِّرُونَ تَأْويْلَه . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } ؛ أي وَتَرَكُوا نصِيباً مِمَّا أُمِرُوا به في كتابهم من نَعْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وصفتهِ ، ومِنْ رَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ، وأصلُ النِّسيَانِ التَّرْكُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ } ؛ أي لا تَزَالُ يا مُحَمَّدُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ ومعصيةٍ مِنْهُمْ ، وفَاعِلَةٌ من أسماءِ المصادرِ مثل : عَاقِبَةٍ وَكَاذِبَةٍ ، وقد تكونُ الخائنةُ من أسماءِ الجماعةِ كما يقالُ : رَافِضٌ ورافِضَةٌ ، فيكون المعنى : ولا تزالُ تَطَّلِعُ على فِرْقَةٍ خائنةٍ منهم مثلَ كعب بن الأشرف وأصحابهِ من بني قُريظةَ حين نَقَضُوا العهدَ ، ورَكِبُوا إلى أبي سُفيانَ بمكة ، ولَقُوهُ وعاهَدوهُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على ما سَبَقَ ذِكْرهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } ؛ لم ينقُضُوا العهدَ ، وهم عبدُالله بنُ سَلامٍ وأصحابُه . وقال ابنُ عبَّاس : ( مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ( خَائِنَةٍ ) أيْ مَعْصِيَةٌ ) ، وقال بعضُهم : أي كَذِبٌ وفجورٌ ، وكانت خيانتُهم بنَقْضِ العهدِ ، ومظاهرتُهم المشركينَ على حَرْب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهَمُّهُمْ بقتلهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ } ؛ أي أعْرِضْ عنهُم ولا تعاقِبْهُم ، { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } ؛ أي الْمُتَجَاوزيْنَ ، وهذا مَنْسُوخٌ بآيةِ السَّيفِ بقولهِ : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ التوبة : 29 ] .