Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 14-16)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } ؛ بيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ النصَارَى لم يكونوا بَعْدَ أخذِ الميثاقِ أحْسَنَ معاملةً من اليهودِ ، ومعنى أخْذِ الميثاق : هو ما أخَذ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي الإنْجِيْلِ مِنَ الْعَهْدِ الْمُؤَكَّدِ باتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَبَيَانِ صِفَتِهِ وَنَعْتِهِ ، كما قَالَ تَعَالَى في آيةٍ أخرَى : { مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } [ الصف : 6 ] فَنَسُوا حَظّاً مما ذُكِّرُوا به ؛ أي تَرَكُوا بعضاً مِمَّا ذُكِّرُوا بهِ ، { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } ؛ أي هَيَّجْنَا بين فِرَقِ النَّصَارَى ، وهم النَّسْطُوريَّةُ وَالْيَعْقُوبيَّةُ وَالْمَلْكَانِيَّةُ ، وألْقَيْنَا بينَهم العداوةَ في الدِّينِ . وذلك أنَّ اللهَ رَفَعَ الأُلْفَةَ بينَهم وألقَى بينهم العداوةَ والبغضاءَ ، فَهُمْ يَقْتَتِلُونَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وأصلُ الإغْرَاءِ : الإلْصَاقُ مَأَخُوذٌ مِنَ الغِرَاءِ الَّذِي يُلْصَقُ بهِ الأَشْيَاءُ ، وَالْعَدَاوَةُ : تَبَاعُدُ الْقُلُوب وَالنِّيَّاتِ ، والْبَغْضَاءُ : الْبُغْضُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } ؛ أي يخبرُهم في الآخرةِ بما كانوا يصنعونَ من الجِنَايَةِ والمخالفةِ وكِتْمَانِ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وصِفَتِهِ . ثم خاطبَ اللهُ تعالى الفريقين من اليهودِ والنَّصارَى فقالَ تعالى : { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ } ؛ يعني التَّوراةَ والإنجِيْلَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { تُخْفُونَ } يعني صِفَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وآيةَ الرَّجْمِ ، وإضافةُ اليهودِ والنَّصارَى إلى الكِتَابِ تَعْييْرٌ لَهم ، كما يقالُ : يَا عَاقِلُ لَمْ تَعْلَمْ ؛ أي يا جاهلُ . وقولهُ تعالى : { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } ؛ يعني بالنُّور مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم يُبَيِّنُ لكم كثيراً مِمَّا كنتم تَكْتُمُونَ من الإسلامِ ، وآيةِ الرَّجمِ ، وتحريمِ الزِّنَا وغيرِ ذلكَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } أي يتجاوزُ عن كثيرٍ مِمَّا كنتُم تكتمونَهُ ولا يعاقبُكم عليهِ ، يعني مِمَّا لم يُؤْمَرْ ببَيَانِهِ ، وقولهُ تعالى : { وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } يعني الْقُرْآنَ يُبَيِّنُ الحلالَ والحرامَ والأمرَ والنَّهيَ .