Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 16-17)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ } ؛ أي يَهْدِي اللهُ بالقُرْآنِ مَنْ قَبلَ الحقَّ ورَغِبَ في الإسلامِ ، وقولهُ تعالى : { رِضْوَانَهُ } أي رضَا اللهِ ، وقولهُ تعالى : { سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ } أي طُرُقَ السَّلاَمةِ ، وهي دِيْنُ الإسلامِ ، والسَّلامُ والسَّلامَةُ ، كالرِّضَاعِ والرَّضَاعَةِ ، ويقالُ : السَّلامُ هو اللهُ ، وسُبُلُ السَّلامِ : طُرُقُ اللهِ التي دَعَا إليهَا . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } ؛ أي يخرجُهم من ظُلُمَاتِ الكُفْرِ ، بالتعريفِ لَهم إلى نُور الإيْمان ، { بِإِذْنِهِ } ؛ أي بإذنِ الله ومشيئتِه ، وسُمِّيَ الإيْمانُ نوراً ؛ لأنَّ الإنسانَ إذا آمَنَ أبْصَرَ بهِ طريقَ نَجاتِهِ فَطَلَبَهُ ، وطريقَ هَلاَكِهِ فَحَذِرَهُ . قَوْلُهُ تعالَى : { وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ؛ أي ويُرْشِدُهُمْ إلى طريقِ الحقِّ . وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } ؛ نزلَتْ في نَصَارَى نَجْرَانَ وهم الماريعقوبية أو اليعقوبية ، قالُوا : إنَّ اللهَ هو المسيحُ بن مريَمَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } ؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ : مَن يَقْدِرُ أن يدفعَ شيئاً من عذاب الله ؛ { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } ؛ أي إنْ أرادَ أنْ يُهْلِكَ عيسَى ابن مريم وأمَّهُ ، وهذا احتجاجٌ من اللهِ تعالى على النَّصارَى بما لا يَملكون دَفْعَهُ ، إذِ المسيحُ وأمُّهُ بَشَرانِ يأكُلانِ الطعامَ ويحتاجَان إلى ما يحتاجُ إليه الناسُ ، وقد عَلِمُوهُ ضرورةً أنَّهما كَانَا بعدَ أن لَم يَكُونَا ، وشاهدَ كثيرٌ منهم ميلادَ عِيْسَى وحالَهُ مِن الطفولةِ والشَّباب والكُهُولَةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ } أي إذا أرادَ اللهُ إهلاكَ عيسَى وأُمَّهُ لَمَا أعجزَهُ ذلكَ ، ولا هناكَ دافعٌ ، وكيفَ يكون إلَهاً مَن لا يقدرُ على دفعِ الْهَلاكِ عن نفسهِ ولا عن غيرِه . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } ؛ أي مَنْ مَلَكَ السَّماواتِ والأرضَ لا يُوصَفُ بالولادةِ . وَقِيْلَ : مَن كان مَالِكُ السَّماواتِ والأرضَ يقدرُ على خَلْقِ وَلَدٍ بلا وَالِدٍ ، كما قال تعالى : { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } ؛ أي كما يشاءُ ، بأَبٍ وبغيرِ أبٍ ، ولو كان خَلْقُ عيسَى من غيرِ أبٍ مُوجِباً كونه إلَهاً وابنَهُ لكانَ خَلْقُ آدمَ من غيرِ أبٍ ولا أمٍّ أوْلَى بذلكَ ؛ لأنه أعجَبُ وأبْدَعُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ؛ مِن خَلْقِ عيسَى وغيرِه قادرٌ على عقوبَتِكم .