Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } ؛ أي أوفوا بالعقود التي كَتَبَهَا اللهُ عليكم مِما أحلَّه لكم حرَّمَه عليكُم ، وَقِيْلَ : معناهُ : أتِمُّوا العهودَ التي بينكم وبين المشركينَ ولا تنقُضُوها حتى يكونَ النَّّقْضُ من قِبَلِهِمْ ، هكذا رويَ عن ابنِ عبَّاس والضَّحاك وقتادةَ . وقال الحسنُ : ( مَعْنَاهُ أوْفُوا بعُقُودِ الدِّيْنِ ؛ يَعْنِي أوَامِرَ اللهِ وَنَوَاهِيْهِ ) . وَقِيْلَ : معناهُ : أوفُوا بكُلِّ عَقْدٍ تعقدونَهُ على أنفسِكم من نَذْرٍ أو يَمينٍ . وَقِيْلَ : أوْفُوا بالعقودِ التي يعقِدُها بعضُكم لبعضٍ ، نحوَ عَقْدِ البيعِ والإجارةِ والنِّكاحِ والشَّرْكةِ ، ولا تنافِي بينَ هذه الأقوالِ ؛ إذ كلُّ هذه العقود يجبُ الوفاءُ بها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } ؛ أي رُخِّصَتْ لكم الأنعامُ نفسُها ، وأضافَ البهيمةَ إلى الأنعامِ ، كما يقالُ : مسجدُ الجامِعِ ؛ ونفسُ الإنسانِ . والأنْعَامُ : هِيَ الإبلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ، ودخل في هذهِ الآية إباحةُ الظِّبَاءِ وبَقَرِ الْوَحْشِ وحمار الوحشِ ؛ لأنَّها أبْهَمُ في التَّمَيُّزِ من الأَهْلِيَّةِ ، ولِهذا استثنَى اللهُ الصيدَ في حالةِ الإحرام في قولهِ تعالى : { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } . والبهيمةُ في اللغة يتناولُ كلَّ حَيٍّ لا يُميِّزُ ، اسْتَبْهَمَ عليه الجوابُ ؛ أي اسْتَغْلَقَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } ؛ أي إلاّ ما يُقْرَأ عليكم في القُرْآنِ مِمَّا حُرِّمَ عليكم في هذه السورة من الْمِيْتَةِ والدَّمِ ولحمِ الخنْزيرِ والموقُوذةُ والمتَردِّيَةُ والنَّطيحَةُ الآيةُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ } ؛ نُصِبَ على الحالِ من الكافِ والميم التي في قولهِ : { أُحِلَّتْ لَكُمْ } كما يقالُ : جاءَ زيدٌ راكباً ؛ وجاءَ غيرُ راكبٍ . والمعنى : أحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيْمَةُ الأَنْعَامِ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ؛ أي من أنْ تَسْتَحِلُّوا قتلَ الصَّيدِ وأنتُم مُحْرِمُونَ . وَقِيْلَ : نُصِبَ على الحالِ من قوله { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } أي أوْفُوا بالمعقُودِ غيرِ مُحِلِّي الصَّيْدِ ، هذا قولُ الأخفشِ ، والأوَّلُ قولُ الكسائيِّ . ومعنى الآيةِ : أحِلَّتْ لكمُ الأنعامُ إلاَّ ما كان وَحْشِياً ، فإنَّهُ صَيْدٌ لا يحلُّ لكم إذا كنتم مُحْرِمِيْنَ ، فذلكَ قولهُ : { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } ؛ أي يقضِي على عبادهِ بما شاءَ من التحليل والتحريْمِ على ما تُوجِبُهُ الحكمةُ .