Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 27-27)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ } ؛ معناهُ : واقرأ يا مُحَمَّدُ على قومِكَ خبرَ ابْنَي آدَمَ بالصَّدقِ ؛ إذ وضعَا على الجبلِ قُرْبَاناً ، والقُرْبَانُ : مَا يُتَقَرَّبُ بهِ إلى اللهِ تَعَالَى . وقِيْلَ : معناهُ : واقرأ على أولادِ هؤلاء الذي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ من أهلِ الكتاب حتى يُقِرُّوا برسالتِكَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا } أي قُبلَ القربانُ من أحدِهما ، ولم يُتَقَبَّلْ من الآخر ، ومعنى القبول : إيجاب الثواب . قال ابنُ عبَّاس : ( وَذَلِكَ أنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ تَلِدُ كُلَّ بَطْنٍ وَلَدَيْنِ ذكَرٍ وَأنْثَى ؛ إلاَّ شيث فَإنَّهَا وَلَدَتْهُ مُنْفَرِداً ، فَوَلَدَتْ أوَّلَ بَطْنٍ قَابيْلَ وَأُخْتَهُ إقْلِيْمَا ، ثُمَّ وَلَدَتْ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي هَابِيْلَ وَأُخْتَهُ لَبُودا . فَلَمَّا أدْرَكُوا ، أمَرَ اللهُ آدَمَ أنْ يُزَوِّجَ قَابيْلَ أخْتَ هَابيْلَ ، وَيُزَوِّجَ هَابيْلَ أخْتَ قَابِيْلَ ، فَرَضِيَ هَابيْلُ وَكَرِهَ قَابيْلُ ؛ لأَنَّ أخْتَهُ كَانَتْ أحْسَنَهُمَا ، فَقَالَ آدَمُ : مَا أمَرَ اللهُ إلاَّ بهَذا يَا بُنَيَّ ؛ وَلاَ يَحِلُّ لَكَ . فَأَبَى أنْ يَقْبَلَ ؛ وَقَالَ : إنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْ بهَذا وَإنَّمَا هُوَ مِنْ رَأيكَ . فَقَالَ لَهُمَا : قَرِّبَا قُرْبَاناً ؛ فَأَيُّكُمَا يُقْبَلُ قُرْبَانُهُ فَهُوَ أحَقُّ بهَا . وَكَانَ هَابيْلُ صَاحِبَ غَنَمٍ ، وَقََابيْلُ صَاحِبَ حَرْثٍ ، فَقَرَّبَ هَابيْلُ كَبْشاً سَمِيْناً وَلَبَناً وَزُبْداً ، وَقَرَّبَ قَابيْلُ سُنْبُلاً مِنْ شَرِّ زَرْعِهِ ، وَأضْمَرَ فِي قَلْبهِ مَا أبَالِي أتُقُبلَ مِنِّي أمْ لاَ ، لاَ يَتَزَوَّجُ أخْتِي أبَداً ، وَأضْمَرَ هَابِيْلُ فِي نَفْسِهِ الرِّضَا للهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَوَضَعَا قُرْبَانَهُمَا عَلَى الْجَبَلِ ، فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَمَا أَكَلَتْ شَيْئاً مِنَ السُّنْبُلِ بَعْدَ ، ثُمَّ أكَلَتِ الْكَبْشَ وَاللَّبَنَ وَالزُّبْدَ ، فَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى { فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ } . فَنَزَلُوا الْجَبَلَ وَتَفَرَّقُوا ، وَكَانَ آدَمُ عليه السلام مَعَهُمْ ، فَذَهَبَ هَابيْلُ إلَى غَنَمِهِ ، وَقَابِيْلُ إلَى زَرْعِهِ غَضْبَانَ وَأظْهَرَ الْحَسَدَ لِهَابِيْلَ ، وَقَالَ : يَا هَابيْلُ لأقْتُلَنَّكَ ! قَالَ : وَذَلِكَ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى تَقَبَّلَ قُرْبَانَكَ وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي ، وَتَنْكِحُ أخْتِي الْحَسَنَةَ ، وَأنْكِحُ أخْتَكَ الْقَبِيْحَةَ ، فَيُحَدِّثُ النَّاسَ أنَّكَ خَيْرٌ مِنِّي . { قَالَ } ؛ هَابِيْلُ : مَا ذنْبي فِي ذلِكَ ؟ ! ) . { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } ؛ أي من الزَّاكيةِ قلوبُهم الذين يخافونَ على حسناتِهم أن لا تُقْبَلَ ، ولم تَكُنْ أنتَ زَاكِيَ القَلْب ، فردَّ اللهُ قربانَكَ حيث نِيَّتَكَ . وَقِيْلَ : أرادَ بالمتَّقين الذين يَتَّقُونَ الشِّرْكَ . قال ابنُ عبَّاس : ( كَانَ قَابيْلُ كَافِراً ) وَفي أكثرِ الرِّواياتِ أنَّهُ كانَ رَجُلَ سَوْءٍ . قال الحسنُ : ( كَانَ الرَّجُلُ إذا أرَادَ أنْ يُقَرِّبَ الْقُرْبَانَ ؛ تَعَبَّدَ وَتَابَ وَتَطَهَّرَ مِنَ الذُّنُوب وَلَبسَ الثَّيَابَ الْبيْضَ ، ثُمَّ قَرَّبَ وَقَامَ يَدْعُو اللهَ ، فَإنْ قَبلَ اللهُ قُرْبَانَهُ جَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ ، وذلِكَ عَلاَمَةُ الْقَبُولِ ، وَإنْ لَمْ تَجِئْ نَارٌ فَذلِكَ عَلاَمَةُ الرَّدِّ ) .