Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 5-5)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } ؛ أي الآنَ تَمَّمَ اللهُ لكم بيانَ الْحَلاَلاَتِ ؛ وهو كُلُّ ما لَمْ يَجْرِ ذِكْرُهُ في الْمُحَرَّمَاتِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } ؛ أي ذبائحُ اليهودِ والنصارى حلالٌ لكم . والدليل على أنَّ المرادَ بالطعامِ ها هنا الذبائحُ : أنَّ ما سِوَى الذبائحِ من الأطعمةِ والأشربةِ حلالٌ للمسلمين ؛ سواءٌ كانت لأهلِ الكتاب أو لغيرهم ، فَبَانَ المرادُ به الذبائحُ ؛ لأنَّ ذبائحَ غيرِ أهل الكتاب من الكفَّار حرامٌ على المسلمينَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } ؛ أي ذبائحُكم حلالٌ لَهم ؛ أي رُخِصَّ لكم في أن تُطْعِمُوهُمْ ذلك . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } ؛ قال الحسنُ : ( أرَادَ بالْمُحْصَنَاتِ هَا هُنَا الْحَرَائِرَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْكِتَابيَّاتِ ) . وقال ابنُ عبَّاس : ( أرادَ بهِ الْحَرَائِرَ الْعَفَائِفَ مِنْهُنَّ ) . وتقديرُ الآية : وأحِلَّ لكم نكاحُ الْمُحْصَنَاتِ من المؤمناتِ والكتابيَّات ، وقد استدلَّ بعضُ الفقهاءِ بظاهرِ هذه الآية : على أنه لا يجوزُ للمسلم نكاحُ الأَمَةِ الكتابيَّةِ ، والصحيحُ : أنه يجوزُ بظاهرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } [ النساء : 25 ] بدليلِ حلِّ ذبائحِهن . وإنَّما خَصَّ الْمُحْصَنَاتِ بإباحةِ نكاحهنَّ مع جواز نكاحِ غيرِهن ؛ لأنَّ الآية خرجت مَخْرَجَ الامتنانِ والْمِنَّةِ في نكاحِ الحرائرِ العفائف أعظمَ وأتَمَّ ، يدلُّ على ذلكَ : أنه لا خلافَ في جواز النكاحِ بين المسلم والأَمَةِ المؤمنةِ ، وإنْ كان في الآيةِ تخصيصُ الْمُحْصَنَاتِ من المؤمنات ، والأفضلُ لمن أرادَ النكاحَ أن لا يَعْدِلَ عن نكاحِ الحرائرِ الكتابيَّات مع القدرةِ عليهنَّ ؛ وذلك لأنَّ نكاح الأمَةِ يؤدِّي إلى إرقاقِ الولد ؛ لأنَّ الولدَ يتبعُ الأَمَةَ في الرِّقِّ والحريَّةِ ، ولا ينبغِي لأحدٍ أن يختارَ رقَّ وَلَدِهِ ، كما لا ينبغي أنْ يختارَ رقَّ نفسهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ } ؛ أي ناكحينَ غيرَ زَانينَ معلنينَ بالزِّنَا ، ولا مُتَّخِذِي صديقاتٍ للزِّنا سِرّاً . قال الحسنُ : ( كَانَ بَعْضُ الْجَاهِلِيَّةِ تُسَافِحُ وَتَزْنِي بكُلِّ مَنْ وَجَدَ مِنَ النِّسَاءِ ، وَبَعْضُهُمْ يَتَّخِذُ خَلِيْلَةً يَزْنِي بهَا سِرّاً وَيَتَجَنَّبُ الزِّنَا عَلاَنِيَةً ، فَبَيَّنَ اللهُ تَعَالَى بهَذِهِ الآيَةِ حُرْمَةَ الزِّنَا سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ) . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( لَمَّا رَخَّصَ اللهُ لِلْمُسْلِمِيْنَ فِي نِكَاحِ الْكِتَابيَّاتِ ؛ قَالَ أهْلُ الْكِتَاب : لَوْلاَ أنَّ اللهَ رَضِيَ أعْمَالَنَا لَمْ يُحِلَّ لِلْمُسْلِمِيْنَ تَزْويْجَ نِسَائِنَا . وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : كَيْفَ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْكِتَابيَّةَ وَهِيَ كَافِرةٌ ؟ فَأَنْزَلَ { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } مِنَ الْمَغْبُونِيْنَ ، غَبَنَ نَفْسَهُ وَفَسَقَ وَصَارَ إلَى النَّار ، لا يُغْنِي عَنِ الْمَرْأةِ الْكِتَابيَّةِ إسْلاَمُ زَوْجِهَا وَلاَ يَنْفَعُهَا ذلِكَ ، وَلاَ يَضُرُّ الْمُسْلِمَ كُفْرُ زَوْجَتِهِ الْكِتَابيَّةِ ) .