Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 60-60)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ } ؛ وذلك أنَّ اليهودَ قالوا للمُسلمين : ما نعلمُ أهلَ دينٍ أقلَّ حظاً منكم في الدُّنيا ، ونرجو أنْ تَكونُوا في الآخرةِ ! فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ ؛ أي قُل يا مُحَمَّدُ لهؤلاء اليهودِ : هل أخبرُكم بسوءٍ مِن الذي قُلتم جزاءً ، { مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ } ؛ أي أبعدَهُ عن رَحمتهِ ، وسَخِطَ عليه وهم اليهودُ ، فيكون موضعُ { مَن لَّعَنَهُ } رَفعاً على معنى ( هُوَ ) ويجوز أن يكون خَفضاً بَدلاً من ( شَرٍّ ) على معنى : هل أنَبِّئُكُم بمَن لعنَهُ اللهُ . قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ } ؛ أي مَسَخَ بعضَهم قردةً في زمنِ داوُدَ عليه السلام بدُعائه عليهم حين اعتَدَوا في السَّبت واستحلُّوهُ ، ومسخَ بعضَهم خنازيرَ في زمنِ عيسى عليه السلام بعدَ أكلِهم من المائدة حين كفَرُوا بعدَ ما رأوا الآياتِ البيِّنة . ورُوي : أنه لَمَّا نزَلت هذه الآيةُ قال المسلمون لليهودِ : ( يَا إخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازيرِ ) فنَكَّسُوا رؤُوسَهم وفضَحَهم اللهُ تعالى . قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ } ؛ فيهِ عشرُ قراءاتٍ ، قرأ العامة ( وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ) بفتحِ العين والباءِ والدالِ على الفعلِ ؛ ومعناها : وجعَلَ منهم مَن عَبَدَ الطاغوتَ ؛ أي بالغَ في طاعةِ الشَّيطان والكُهَّان ورؤساءِ المعصية . وقرأ ابنُ مسعود : ( وَعَبَدُوا الطَّاغوتَ ) أي ومَن عَبَدَ الطاغوتَ ، وقرأ يحيى بن وثَّاب وحمزةُ : بفتحِ العين وضمِّ الباء وكسر التاء من الطاغوتِ ، وهو لغةٌ في عبَدَ ، مثل سَبْع وَسَبُع . وقرأ أبو جعفرٍ الفرَّاء : ( وَعُبِدَ الطَّاغُوتُ ) على الفعلِ المجهول ، وقرأ الحسنُ : ( وَعَبْدَ الطَّاغُوتِ ) على الواحدِ . وقرأ يزيدُ الأسلمي : ( وَعَابدَ الطَّاغُوتِ ) بالأف ، وقرأ ابنُ عباس : ( وَعَبيدَ الطَّاغُوتِ ) بالجمعِ ، وقرأ أبو واقدٍ الليثيِّ : ( وَعُبَّادَ الطَّاغُوتِ ) مثل كُفَّار ، وقرأ عَوْنُ العقيلي وإبَانُ بن ثعلبٍ : ( وَعُبَّدَ الطَّاغُوتِ ) مثل رَاكِعْ ورُكَّع ، وقرأ عبيدُ بن عمير : ( أعْبَدَ الطَّاغُوتِ ) مثل كلب وأكلَبٍ ، وقرأ الأعمشُ : ( وَعُبُدَ الطَّاغُوتِ ) بضمِّ العين والباء وكسرِ التاء من الطاغوتِ . قال الشاعرُ : @ انْسُبِ الْعَبْدَ إلَى آبَائِهِ أسْوَدُ الْجِلْدِ مِنْ قَوْمٍ عُبُدْ @@ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } فإن قِيْلَ : كيف معنى هذا ليس في الإيمانِ شرٌّ وضلالٌ ؟ قِيْلَ : سِمَةُ المشركين شرٌّ مَكاناً لا يوجبُ أن يكون في الإيمانِ شرٌّ وتطيُّر . قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } [ الفرقان : 24 ] ومعلومٌ أنه لا خيرَ في مستقرِّ الكُفَّار ومُنقَلَبهم ، فلمَّا نزَلت هذه الآيةُ قال المسلمون ليَهُودَ : ( يَا إخْوَانَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازيرِ ) فَسَكَتُوا وأفحِمُوا ، وفيهم يقولُ الشاعرُ :