Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 88-88)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً } ؛ أي كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ من الطعامِ والشراب حلالاً أحلَّهُ الله لكم ، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } . وَقِيْلَ : " أنَّهُ لما بلغَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خبرُهم ؛ أتَى دَارَ عُثْمَانَ بْنَ مَضْعُونٍ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَقَالَ لامْرَأةِ عُثْمَانَ بْنِ مَضْعُونٍ - أمِّ حَكِيمٍ بنْتِ أمَيَّةَ وَاسْمُهَا الْخَوْلَةُ وَكَانَتْ عَطَّارَةً - : " أحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْ زَوْجِكِ وَأصْحَابهِ ؟ " فَكَرِِهَتْ أنْ تَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ وَكَرِهَتْ أنْ تُبْدِيَ خَبَرَ زَوْجِهَا ؛ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنْ كَانَ أخْبَرَكَ عُثْمَانُ فَقَدْ صَدَقَ ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم . فَلَمَّا جَاءَ عثْمَانُ أخْبَرَتْهُ زَوْجَتُهُ بذلِكَ ، فَعَنِيَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ عليه السلام : " أمَّا أنَا ؛ فَلَمْ أوْمَرْ بذلِكَ ، إنَّ لأَنْفُسِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً ؛ فَصُومُوا وَأفْطِرُواْ ؛ وَقُومُواْ وَنَامُواْ ، فَأَنَا أقُومُ وَأنَامُ ، وَأصُومُ وَأفْطِرُ ، وَآكُلُ اللَّحْمَ وَالدَسَمَ ، وآتِي النِّسَاءَ ، مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " . ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ وَخَطَبَهُمْ وَقَالَ : " مَا بَالُ قَوْمٍ حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَالطَّعَامَ الطَّيِّبَ وَالنَّوْمَ ، أمَّا أنَا فَلاَ آمُرُكُمْ أنْ تَكُونُوا قِسِّيسِينَ أوْ رُهْبَاناً ، فَإنَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِي تَرْكُ اللَّحْمِ وَالنِّسَاءِ ، وَاتِّخَاذُ الصَّوَامِعِ ، فَإنَّ سِيَاحَةَ أمَّتِي الصَّوْمُ ، وَرَهْبَانِيَّتَهُمُ الْجِهَادُ ، فَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بهِ شَيْئاً ، وَحُجُّوا وَاعْتَمِرُواْ وَأقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَصُومُوا رَمَضَانَ ، وَاسْتَقِيمُوا لِيَسْتَقِيمَ لَكُمْ ، فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بالتَّشْدِيدِ ، شَدَّدُواْ عَلَى أنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ " " . وعن سعيدِ بن المسيِّب ؛ قال : " جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ مَضْعُونٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فََقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي بأَنْ أخْتَصِي ، قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! إنَّ اخْتِصَاءَ أمَّتِي الصِّيَامُ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أنْ أتَرَهَّبَ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ ، قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! فَإنَّ تَرَهُّبَ أمَّتِي الْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ لانْتِظَار الصَّلاَةِ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أنْ أخْرُجَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ . قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! فَإنَّ صَدَقَتَكَ يَوْمٌ بيَوْمٍ ، وَتَعِفُّ بنَفْسِكَ وَعِيَالِكَ ، وَتَرْحَمُ الْمَسَاكِينَ وَالْيَتِيْمَ ، فَتُعْطِيهِمَا أفْضَلُ مِنْ ذلِكَ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنَّ نَفْسِي تُحَدَّثُنِي أنْ أطَلِّقَ امْرَأتِي خَوْلَةَ . قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! فَإنَّ الْهِجْرَةَ فِي أمَّتِي مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ ، أوْ هَاجَرَ إلَيَّ فِي حَيَاتِي ، أوْ زَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي ، أوْ مَاتَ وَلَهُ امْرَأةٌ أوْ امْرَأتَانِ أوْ ثَلاَثٌ أوْ أرْبَعٌ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! فَإنْ نَهَيْتَنِي أنْ لاَ أطَلِّقَهَا فَإنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أنْ لاَ أغْشَاهَا . قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! فَإنَّ الْمُسْلِمَ إذا غَشِيَ امْرَأتَهُ أوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ رَقْعَتِهِ تِلْكَ وَلَدٌ ، كَانَ لَهُ وَصِيْفَةٌ فِي الْجَنَّةِ . وَإنْ كَانَ مِنْ وَقْعَتِهِ تِلْكَ وَلَدٌ ، فَمَاتَ قَبْلَهُ كَانَ لَهُ فَرْطاً وَشَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَإنْ مَاتَ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أنْ لاَ آكُلَ اللَّحْمَ . قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! فَإنِّي أحِبُّ اللَّحْمَ وَآكُلُهُ إذا وَجَدْتُهُ ، وَلَوْ سَأَلْتُ رَبي أنْ يُطْعِمَنِيَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ لأَطْعَمَنِيَهُ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! فَإنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أنْ لاَ أمَسَّ الطَّيبَ . قَالَ : " مَهْلاً يَا عُثْمَانُ ! فَإنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أمَرَنِي بالطَّيب غَبّاً " ، وَقَالَ : " يَوْمَ الْجُمُعَةِ لاَ تَرْكَهُ ، يَا عُثْمَانَ لاَ تَرْغَبْ عَنْ سُنَّتِي ، فَإنَّ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَتُوبَ ، صَرَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَجْهَهُ عَنْ حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ " " . عن أبي موسَى الأشعريِّ رضي الله عنه قال : " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ لَحْمَ الدَّجَاجِ ، وَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ الرُّطَبَ وَالْبَطِّيخَ " وعن ابنِ عبَّاس ؛ قال : ( كُلْ مَا شِئْتَ ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أخْطَأَتْكَ ثِنْتَانِ : سَرَفٌ وَمَخْيَلَةٌ ) . وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : " " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم : كَانَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ وَالْفَالُوذجَ ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ الْحَلْواءُ وَالْعَسَلُ " ؛ وقال : " إنَّ الْمُؤْمِنَ حُلْوٌ يُحِبُّ الْحَلاَوَةَ " " وقال : " إنَّ فِي بَطْنِ الْمُؤْمِنِ زَاويَةٌ لاَ يَمْلأُوهَا إلاَّ الْحَلْوَاءُ " . وروي : أن الحسنَ كان يأكلُ الفالوذجَ ، فدخل عليه فرقدُ السبخي ، فقال : ( يَا فَرْقَدُ ، مَا تَقُولُ فِي هَذا ؟ ) قال : لا آكلهُ ولا أحبُّ أكلَهُ ، فأقبلَ الحسن على مَن عندَهُ كالمتعجِّب ؛ فقالَ : ( لُعَابُ النَّحْلِ وَلُبَابُ الْقَمْحِ ، وَسَمْنُ الْبَقَرِ أحِلَّ بعَيْنِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ) . وجاءَ رجلٌ إلى الحسنِ فقال له : إنَّ لي جاراً لا يأكلُ الفالوذجَ ، قال : ( وَلِمَ ؟ ) قال : لا يؤدِّي شُكرَهُ ، قال : ( أفَيَشْرَبُ الْمَاءَ البَاردَ ؟ ) قال : نعم ، قال : ( إنَّ جَارَكَ هَذا جَاهِلٌ ، إنَّ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْهِ فِي الْمَاءِ الْبَاردِ أكْثَرُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْفَالُوذجِ ) .