Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 20-20)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ } ؛ يعني الحياةَ الدُّنيا كاللَّعب واللَّهوِ في سُرعَةِ فنائِها وانقضائها ، ونظيرُ هذا قولهُ صلى الله عليه وسلم : " الطَّوَافُ بالْبَيتِ صَلاَةٌ " أي كالصَّلاة ، ويقالُ : فلانٌ يجرِي كالبحرِ في السَّخاء ، وفلانٌ أسَدٌ ؛ أي كالأسدِ في الشَّجاعة . وقولهُ تعالى { وَزِينَةٌ } أي منظرٌ حسَنٌ ، والمعنى : إنما الحياةُ الدُّنيا لعبٌ ولَهوٌ كلعب الصبيان ، وزينةٌ كزِينَةِ النِّسوانِ ، { وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ } كتكَاثُرِ الدُّهقان . قال عليُّ بن أبي طالبٍ لعمَّار بن ياسرٍ : ( لاَ تَحْزَنْ عَلَى الدُّنْيَا ؛ فَإنَّهَا سِتَّةُ أشْيَاءٍ : مَطْعُومٌ ؛ وَمَشْرُوبٌ ؛ وَمَلْبُوسٌ ؛ وَمَشْمُومٌ ؛ وَمَرْكُوبٌ ؛ وَمَنْكُوحٌ ، فَأَكْبَرُ طَعَامِهَا الْعَسَلُ وَهُوَ بُزَاقُ ذُبَابَةٍ ، وَأكْبَرُ شَرَابهَا الْمَاءُ وَفِيهِ يَسْتَوِي جَمِيعُ الْحَيْوَانَاتِ ، وَأكْبَرُ مَلْبُوسِهَا الدِّيبَاجُ وَهُوَ نَسْجُ دُودَةٍ ، وَأكْبَرُ مَشْمُومِهَا الْمِسْكُ وَهُوَ دَمُ فَأْرَةٍ أوْ ظَبْيَةٍ ، وَأكْبَرُ مَرْكُوبهَا الْفَرَسُ وَعَلَيْهِ يُقْتَلُ الرِّجَالُ ، وَأكْبَرُ مَنْكُوحِهَا النِّسَاءُ وَهُوَ مُبَالٌ فِي مُبَالٍ ) . قَوْلُهُ تََعَالَى : { كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ } ؛ أي مثَلُ الدُّنيا كمثلِ مطَرٍ أعجبَ الزُّرَّاعَ نباتهُ ، والكفرُ في اللغةِ هو التَّغطِيَةُ ، وسُمِّي الكافرُ كافراً ؛ لأنه يُغَطِّي الحقَّ بالباطلِ ، والزَّارعُ يُغَطِّي الحبَّ بالأرضِ . والمعنى : كمَثَلِ غيثٍ أعجبَ الزُّرَّاعَ ما نبتَ من ذلك الغيثِ ، { ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً } ؛ أي ثم يَبينُ فيصير مُصْفَرّاً بعدَ خُضرَتِهِ وريِّه ، { ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً } ؛ أي متَكَسِّراً مفَتَّتاً تحتَ أرجُلِ الدواب ، كذلك الدُّنيا تزولُ وتفنَى ، كما لا يبقَى هذا الزرعُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ } ؛ أي عذابٌ شديد للكفَّار والمنافقِين ، ومغفرةٌ من اللهِ ورضوانٌ للمؤمنين المطيعِين ، وقولهُ تعالى : { وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ } ؛ هي في سُرعَةِ فَنائِها ونفَادِها مثل متاعِ البيت في سُرعةِ فنائه وفراغهِ وسقوطه وانكسارهِ . وعن عليٍّ رضي الله عنه أنَّهُ كان يقولُ في صفةِ الدنيا : ( أمَّا مَاضِي فحَكَم ، وَأمَّا مَا يُغْنِي فَأَمَانِيُّ وَغُرُورٌ ) . وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا تكْثِرُ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ ، وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا يُرِيحُ الْقَلْبَ وَالْبَدَنَ " .