Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 4-4)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا } ؛ أي فمَن لم يجدْ مِن المظاهرِين الرقبةَ ولا قِيمَتها ، فعليه أنْ يصُومَ شَهرَين متتابعين قبلَ الْمَسيسِ . وهذا يقتضِي أنه إذا أفطرَ فيهما لِمَرضٍ أو غيرهِ كان عليه استقبالُ الصَّوم أيضاً ، وكذا إذا قدرَ على الرقبةِ في خلال الصَّوم فلم يُعتِقها حتى عجزَ عنها كان عليه الاستقبالُ أيضاً في قولِ أبي حنيفةَ ومحمَّد ، سواءٌ كان المسيسُ بالليلِ أو بالنهار . وقال أبو يوسف . ( إذا مَسَّهَا باللَّيْلِ عَامِداً أوْ بالنَّهَار نَاسِياً لَمْ يَسْتَقْبلْ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } ؛ إذا عجزَ عن الصَّومِ لكِبَرٍ أو مرضٍ فكفَّارتهُ أن يُطعِمَ ستِّين مِسكيناً ، وإنْ مسَّها المظاهرُ بعدَ ما أطعمَ بعضَ الطعامِ لم يستقبلِ الإطعامَ ؛ لأنه ليس في ذكرِ الإطعامِ في هذه الآية مِن قَبْلِ أن يتمَاسَّا ، إلاَّ أنَّا إنما أمَرنَاهُ بالإطعامِ قبلَ المسيسِ ؛ لأنَّا لو لم نَأمُرْهُ بذلكِ لم يُؤمَنْ أن يَمسَّها فقَدِرَ على العتقِ قبل الإطعامِ أو يقدرَ على الصَّوم قبل الإطعامِ فيحصلُ أو الصومُ بعدَ المسيسِ ، وذلك خلافُ ما أوجبَهُ اللهُ تعالى . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } ؛ أي ذلك الذي أمرَكم اللهُ به لتَسَتدِيْمُوا الإيمانَ بالله ورسولهِ ، وتُصدِّقوا أنَّ الله أمرَ بذلك . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } ، أي التي شرَّعَها اللهُ تعالى في الظِّهار أحكامُ اللهِ وفرائضهُ ، { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ؛ وللجاحِدين لحدودِ الله عذابُ جهنم . " فلمَّا نزَلت هذه الآيةُ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ : " هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً ؟ " قَالَ : فَإنِّي قَلِيلُ الْمَالِ ، قَالَ : " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ ؟ " قَالَ : وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي إذا لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كَلَّ بَصَرِي وَخَشِيتُ أنْ تَعْشُو عَيْنِي ، قَالَ : " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً ؟ " قَالَ : لاَ وَاللهِ إلاَّ أنْ تُعِينَنِي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " إنِّي مُعِينُكَ بخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً وَأدْعُو لَكَ بالْبَرَكَةِ " فَأَعَانَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " . ورُوي : " أنَّ خَوْلَةَ لَمَّا ظَاهَرَ مِنْهَا أوْسُ بْنُ الصَّامِتِ ، خَرَجَ فَجَلَسَ فِي قَوْمِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا ، فَقَالَتْ : كَلاَّ ؛ وَالَّذِي نَفْسُ خَوْلَةَ بيَدِهِ لاَ تَصِلُ إلَيَّ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ فِيَّ وَفِيكَ . ثُمَّ مَضَتْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَتْ عَلَيْهِ قِصَّتَهَا ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَاتِ . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " مُرِيهِ أنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً " فَقَالَتْ : وَاللهِ مَا عِنْدَهُ ذلِكَ ، قَالَ : " مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابعَيْنِ " قَالَتْ : يَا نَبيَّ اللهِ إنَّهُ شَيْخٌ كَبيرٌ مَا بهِ مِنْ صَوْمٍ ، قَالَ : " مُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً " قَالَتْ : وَاللهِ مَا يَجِدُ مَا يُطْعِمُ ، قَالَ : " إنَّا سَنُعِينُهُ بعِرْقٍ مِنْ تَمْرٍ " - وهو مكتل سبعٍ وثلاثين صَاعاً - قَالَتْ : أنَا أُعِينُهُ يَا رَسُولَ اللهِ بعِرْقٍ آخَرَ " .