Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 146-147)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } ؛ في هذه الآية بيانُ ما حَرَّمَ اللهُ على اليهودِ . قال ابنُ عبَّاس : ( أرَادَ بقَوْلِهِ : { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } الإبلَ والنَّعامَ وَالْبَطَّ وَالإِوَزَّ وَمَا أشْبَهَ ذلِكَ مِمَّا لاَ يَكُونُ مُنْفَرِجَ الأَصَابعِ ) . وَقِيلَ : أراد به ما يصيدُ بالظُّفُرِ مثلَ النُّسُور والبراري وما يُشَاكِلُ ذلكَ من السِّبَاعِ والكلاب . وقال ابنُ زيدٍ : ( هِيَ الإبلُ فَقَطْ ) . قرأ الحسنُ : ( كُلَّ ذِي ظِفْرٍ ) بكسرِ الظَّاء وإسكان الفاء . وقرأ أبو السِّمَال : ( ظِفِرٍ ) بكسرِهما جميعاً ؛ وهي لغةٌ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } ؛ من الشِّحْمِ وهو السَّمْنُ ، { أَوِ } ؛ ما حَمَلَتِ ؛ { ٱلْحَوَايَآ } ؛ وهي الْمَبَاعِرُ والأمْعَاءُ التي عليها الشَّحْمُ من داخلِها ؛ واحدتُها حَاويَةٌ وحَاويَاءُ وحَوِيَّة ؛ سُميت بذلك لأنَّها تَحوي ما في البَطْنِ . وقولهُ : { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } ؛ أرادَ به ما يكونُ من الشَّحْمِ الْمُخَلَّطِ من اللَّحمِ على عَظْمِ الجنب . وأما الإلْيَةُ ؛ فقد كانت داخلةً في التحريمِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ } ؛ أي ذلك التحريمُ عاقبناهُم بظلمِهم ، { وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ } ؛ فيما نقولُ إنَّ هذه الأشياءِ كانت حَلالاً في الأصلِ ؛ فحرَّمناها على اليهودِ بمعصيتِهم ومخالفتهم لأنبيائِهم ، وكانتِ اليهودُ مع هذا التحريمِ يجملونَ الشُّحُومَ فيبيعونَها ؛ فيستحلُّون ثَمنَها ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : " لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ ؛ حُرِّمَتْ عَلَيْهمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا وَبَاعُوهَا وَأكَلُو ثَمَنَهَا ؛ إنَّ اللهَ تَعَالَى إذا حَرَّمَ شَيْئاً حَرَّمَ بَيْعَهُ وَأكْلَ ثَمَنِهِ " . فلمَّا نزلت هذه الآيةُ ؛ قال صلى الله عليه وسلم : " هَذا مَا أوْحَى اللهُ تَعَالَى إلَيَّ أنَّهُ مُحَرَّمٌ مِنْهُ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ ، وَمِنْهُ عَلَى الْيَهُودِ " . فقالَ المشركون : إنَّكَ لَمْ تُصِبْ فيما قُلْتَ ، فقال الله عَزَّ وَجَلَّ : { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } ؛ أي إنْ أنكَرُوا ولم يقبلُوا قولَكَ ؛ فقُلْ : { رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } بالإمهالِ بأن لَنْ يُعَاجِلَكُمْ بالعقوبةِ ؛ { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } ؛ أي لا يُرَدُّ عذابهُ عن المشركين واليهودِ إذا جاء وقتُ العذاب .