Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } ؛ قال كعبُ الأحبار : وأوَّل مفتاحِ التوراة ( الحمدُ لله الذي خلقَ السماواتِ والأرضَ ) ، وخاتِمتُها خاتِمة سورة هُود { وَللَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ هود : 124 ] . قال مقاتلُ : ( قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ رَبُّكَ ؟ قََالَ : { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } فَكَذَبُوهُ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى حَامِداً نَفْسَهُ دَالاً عَلَى تَوْحِيْدِهِ : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي خلقَ السَّماوات بما فيها من الشَّمسِ والقمر والنجومِ ، والأرضَ بما فيها من البَرِّ والبحر ؛ والسَّهلِ والجبل ؛ والنَّباتِ والشجَر ، خلقَ السماوات وما فيها في يومين ؛ يومِ الأحدِ ويوم الاثنين ؛ وخلقَ الأرضَ وما فيها في يومين ؛ يومِ الثلاثاء ويوم الأربعاء . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ } ؛ قال السديُّ : ( ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَنُورَ النَّهَار ) . وقال الواقديُّ : ( كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور فَهُوَ الْكُفْرُ وَالإيْمَانُ ؛ إلاَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ فَإِنَّهُ يُرِيْدُ بهِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) . قال قتادةُ : ( يَعْنِي الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ) . وقال الحسنُ : ( يَعْنِي الْكُفْرَ وَالإيْمَانَ ) . وقيل : خلقَ الليلَ والنهار لمصالحِ العباد ؛ يستريحون باللَّيل ويبصرون معايشَهم بالنهار . وإنَّما جَمَعَ ( الظُّلُمَاتِ ) ووحَّدَ ( النُّورَ ) لأن النورَ يتعدَّى ، والظلمةَ لا تتعدَّى . وقال أهلُ المعانِي : ( جَعَلَ ) ها هنا صلةٌ ؛ والعربُ تزيد ( جَعَلَ ) في الكلامِ كقول الشاعرِ : @ وَقَدْ جَعَلْتُ أَرَى الاتْنَيْنَ أرْبَعَةً وَالْوَاحِدَ اثْنَيْنِ لَمَّا هَدَّنِي الْكِبَرُ @@ وتقديرُ الآية : { ٱلْحَمْدُ للهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } والظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ . وقيلَ : معناهُ : ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) ؛ لأنه خَلَقَ الظلمةَ والنورَ قبل السماواتِ والأرض . وقال قتادةُ : ( خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ قَبْلَ الأَرْضَ ، وَالظُّلْمَةَ قَبْلَ النُّور ، وَالْجَنَّةَ قَبْلَ النَّار ) . وقال وهبُ : ( أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ مَكَاناً مُظْلِماً ، ثُمَّ خَلَقَ جَوْهَرَةً فَأَضَاءَتْ ذلِكَ الْمَكَانَ ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْجَوْهَرَةِ نَظَرَ الْهَيْبَةِ ، فَصَارَتْ مَاءً وَارْتَفَعَ بُخَارُهَا وَنبَذ زَبَدُهَا ، فَخَلَقَ مِنَ الْبُخَار السَّمَاواتِ ؛ وَمِنَ الزَّبَدِ الأرْضِيْنَ ) . قَوْلُهُ عَزَّ وَجََلَّ : { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } ؛ أي { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بَعْدَ هذا البيانِ { بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } الأوثانَ ؛ أي يُشْرِكُونَ . وقيل : معناهُ : { يَعْدِلُونَ } أي يجعلون لله عَدِيْلاً ويعبدون الحجارةَ والأموات ؛ وهم يُقِرُّونَ بأنَّ اللهَ خالقُ هذه الأشياءِ ، فالأصنامُ لاَ تَعْقِلُ شيئاً من ذلك .