Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 2-2)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلَهُ تَعَالَىَ : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً } ؛ معناهُ : خلقَكُم منَ آدمَ عليه السلام ، فأخرجَ الخطابَ له ؛ لأنَّهم ولَدَهُ ، قال السُّديُّ : ( لَمَّا أرَادَ اللهُ خَلْقَ آدَمَ ، بَعَثَ جِبْرِيْلَ إِلَى الأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطَائِفَةٍ مِنْهَا ، فَاسْتَعَاذتِ الأَرْضُ باللهِ أنْ يَنْقُصَ مِنِّي ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ . فَبَعَثَ مِيْكَائِيْلَ ؛ فَاسْتَعَاذتْ ، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوَتِ ؛ فَاسْتَعَاذتْ باللهِ مِنْهُ ؛ فَقَالَ : وَأَنَا أَعُُوذُ باللهِ أنْ أُخَالِفَ أمْرَهُ ، فَأَخَذ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ ، فَخَلَطَ السَّوْدَاءَ وَالْبَيْضَاءَ وَالْحَمْرَاءَ ؛ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ الأَلْوَانُ ؛ ألْوَانُ بَنِي آدَمَ ، ثُمَّ عَجَنَهَا بالْمَاءِ الْعَذْب وَالْمِلْحِ وَالْمِسْكِ ؛ فَلِِذلِكَ اخْتَلَفَتْ أَخْلاَقُهُمْ ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلَكِ المَوْتِ : رَحِمَ جِبْرِيْلُ وَمِيكَائِيْلُ الأَرْضَ وَلَمْ تَرْحَمْهَا ؛ لا َجَرَمَ أنْ أجْعَلَ أَرْوَاحَ مَنْ أَخْلُقُ مِنْ هَذا الطِّيْنِ بَيِدِكَ ) . وروى أبو هريرةُ عن النبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ ، وَجَعَلَهُ طِيْناً ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى كَانَ حَمَأَ مَسْنُوناً ، ثُمَّ خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى إذا كَانَ صَلْصَالاً كَالْفَخَّار ؛ مَرَّ بهِ إبْلِيْسُ لَعَنَهُ اللهُ ، فَقَالَ : خُلِقْتَ لأَمْرٍ عَظِيْمٍ . ثُمَّ نَفَخَ اللهُ فِيْهِ الرُّوحَ " . قَوْلَهُ تَعَالَى : { ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً } أي خَلَقَكُم مِن آدمَ عليه السلام { ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً } أي جعلَ لِحياتكُم وفاةً تحيونَ فيه وهو مُدَّةُ كلِّ واحدٍ منَّا مِنْ يومِ يولدُ إلى يومِ يَموت . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ } ؛ أي مدَّة انقضاء الدُّنيا إلى أنْ تقومَ الساعةَ ؛ ولا يعلمُ وقتَ قيامِها إلاَّ اللهُ . وقال مجاهدُ وابن جبير : { ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً } يَعْنِي أجَلَ الدُّنْيَا { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ } وُهُوَ الآخِرَةُ . قََوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } أي ثُمَّ أنتُم بعدَ هذا البيان تَشُكُّونَ في موضعٍ ليس هو موضعُ الشَّكِّ . وَالْمِرْيَةُ هي الشَّكُّ الْمُجْلِبُ بالشُّبهة ؛ أصلُها مِن : مَرَيْتُ النَّاقَةَ إذا مَسَحْتَ ضَرْعَهَا لِيَنُزَّ لَبَنُهَا ، وَيَجْلِِبَهُ لِلْحَلْب .