Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 60-60)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ } ؛ معناه : هو الذي يقبضُكم عن التصرُّفِ بالنوم وما تصيرونَ في منامكم بالليلِ في قبضتهِ لا تَمْلكون لأنفسِكُم تصريفاً في أموركم . والتَّوفِّي في اللغة : هُوَ الْقَبْضُ ؛ إلاَّ أن روحَ النائمِ لا تصيرُ مقبوضةً في حال نومه على جهةِ الحقيقة ؛ لأن النائمَ يستمدُّ من الهواءِ على حسب ما يفعلهُ المنتبهُ ، ولكنَّ الله يحدثُ في حال النوم من بدنِ النائم ضرباً من الاسترخاءِ في إغماءٍ منه ، إمَّّا بسلب عقله ، أو بإِحداثِ فعلٍ في البدن يكونُ ذلك الفعل سبباً لراحةِ البدن ، كما قال تعالى : { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } [ النبأ : 9 ] فلما صارَ النائمُ كالميتِ في أنه لا يعقلُ وفي أن تصرفَه لا يقع على تَمييز ؛ شُبهَ بالميتِ من حيث التوفِّي على هذا الوجه ، كما وردَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " النَّوْمُ أخُو الْمَوْتِ ، وَأهْلُ الْجَنَّةِ لاَ يَمُوتُونَ وَلاَ يَنَامُونَ " وعلى هذا الوجهِ يتأوَّل قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا } [ الزمر : 42 ] إلى آخر الآية . وذهبَ بعضُهم إلى أن الروحَ تخرجُ من البدن في المنامِ ، ولكن لا تنقطعُ حركة النائمِ ؛ لأن نظرَ الروحِ لم ينقطع عن البدنِ ؛ إذ هو على العَوْدِ في كلِّ وقتٍ وفي كل ساعةٍ ؛ وقال : لا يخرجُ منه الروحُ ، وإنَّما يخرج منه الذهن . قَوْلَهُ تَعَالىَ : { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ } ؛ أي كسبتُم من الخيرِ والشرِّ بالنهار ، يقالُ : جَرَحَ وَاجْتَرَحَ ؛ بمعنى كَسَبَ وَاكْتَسَبَ ، وأصلُ الاجْتِرَاحِ : عَمَلُ الْجَوَارِحِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } ؛ أي يُنَبهُكُمْ من نومِكم في النهار على علمٍ منه بما اجترحتُم من قبلُ وما تجترحون من بعدُ ، { لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى } أي لتبلغُوا الوقتَ المقدور الذي قدَّرهُ الله بحَيَوِيَّتِكُمْ ؛ فتنقطعُ أرزاقكُم وأعمالُكم التي تعملونَ في الدُّنيا من خيرٍ أو شرٍّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } ؛ أي ثم إلى اللهِ مصيرُكم ومتقلَّبُكم بعدَ الموتِ ، { ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ؛ أي ثم يُخْبرُكُمْ في الآخرةِ بما كنتم تعملون في الدُّنيا ؛ فيجازي كلَّ عاملٍ ما عَمِلَ .