Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 61-61)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } ؛ أي هو الْغَالِبُ لعبادهِ الْمُسْتَعْلِي عليهم بالقدرَةِ ، وليس معنى ( فَوْقَ ) معنى المكان ؛ لاستحالةِ إِضافَةِ الأماكنِ إلى الله ، وإنَّما معناهُ الْغَلَبَةُ والقدرةُ ، ونظيرهُ : فلانٌ فَوْقَ فلانٍ في العلمِ ؛ أي أعْلَمُ منهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } ؛ معناه : وَالْمُرْسِلُ عَلَيٍْكُمْ حَفَظَةً ، فاكتفَى بالفعلِ عن الاسم . وَالْحَفَظَةُ : هُمُ الْمَلاَئِكَةُ يحفظونَ على العبادِ أعمالَهم على ما تقدَّم . وقد وردَ في الخبرِ : أن على كلِّ واحدٍ منَّا ملَكين بالليلِ ؛ وملَكين بالنهار ، يكتبُ أحدُهما الحسناتِ ؛ والآخرُ السيِّئاتِ ، وصاحبُ اليمينِ أميرٌ على صاحب الشِّمال ، فإذا عَمِلَ العبدُ حسنةً ؛ كتبَ له بعَشْرِ أمثالِها ؛ وإذا عَمِلَ سيِّئةً فأرادَ صاحبُ الشِّمال أن يكتبَ ؛ قال له صاحبُ اليمين : أمْسِكْ ، فيمسِكُ عنه ستِّ ساعاتٍ أو سبع ساعات ، فإنْ هو استغفرَ اللهَ تعالى ؛ لم يكتُبْ عليه ، وإن لم يستغفرْ يكتب عليه سيِّئةً واحدةً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } معناه : حَتَّى إذا حضرَ أحَدَكُمْ الْمَوْتُ ؛ قبضَ روحَهُ مَلَكُ الموتِ وأعوانُه ، وَهُمْ لا يقصِّرونَ ولا يؤخِّرونَه طرفةَ عينٍ ، فإن قيلَ : كيفَ هنا { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } وقال في آيةٍ أخرى : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ } [ السجدة : 11 ] ؟ قيلَ : إنَّ مَلَكَ الموتِ هو الذي يقبضُ الأرواحَ كلَّها وهو القائمُ بذلك ؛ إلا أنَّ له أعواناً ؛ فتارةً أضافَ قبضَ الروحِ إلى مَلَكِ الموتِ ؛ لأنه هو المختصُّ بذلك ، وتارةً أضافَهُ إليه وإلى غيرِه ؛ لأنَّهم يَصْدُرُونَ في ذلك عن أمرهِ . وقال مجاهدُ : ( جُعِلَتِ الأََرْضُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ كَالطَّشْتِ يَتَنَاوَلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ ، ولَهُ أعْوانٌ يَتَوَفَّوْنَ الأَنْفُسَ ، ثُمَّ يَقْبضُهَا مِنْهُمْ ) . ويقالُ : إنَّ أعوانَ مَلَكِ الموت يستخرجون الروحَ من الأعضاءِ عُضْواً عُضْواً ، حتى إذا جَمَعُوهُ في صدرهِ وجعل يُغَرْغِرُ به ؛ قبضَهُ حينئذٍ مَلَكُ الموتِ . وقد رويَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنَّهُ دَخَلَ عَلَى مَرِيْضٍ يَعُودُهُ ، فَرَأَى مَلَكَ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأسِه ؛ فقَالَ : " يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ؛ ارْفُقْ بهِ ، فإِنَّهُ مُؤْمِنٌ ، فقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ : يَا مُحَمَّدُ ؛ أبْشِرْ وَطِبٍ نَفْساً وَقَرَّ عَيْناً ؛ فإِنِّي بكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيْقٌ ، إنِّي لأقْبضُ رُوحَ الْمؤْمِنِ فَيُصْعَقُ أهْلُهُ فَأعْتَزِلُ فِي جَانِبِ الدَّار ، فأََقُولُ : مَا لِي مِن ذنْب ، وَإِنِّي لَمَأْمُورٌ ، وَإنَّ لِي لَعَوْدَةً فَالْحَذرَ الْحَذرَ ، وَمَا مِنْ أهْلِ بَيْتِ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ ، فِي بَحْرٍ أو بَرٍّ ، إلاَّ وأَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، حَتَّى أنِّي لأَعْلَمُ بصَغِيْرِهِمْ وَكَبيْرِهِمْ مِنْهُمْ بأَنْفُسِهِمْ ، وَاللهِ لَوْ أَرَدْتُ أنْ أقْبضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ لَمَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْمُرَنِي اللهُ تَعَالَى بقَبْضِهَا " " .