Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 75-79)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ؛ أي كما أرينا إبراهيم النصرةَ في دينهِ والحقَّ في مخالفة قومهِ ؛ نُرِيَهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ؛ أي مُلْكُهَا ونريه القدرةَ التي يقوِّي بها دلالتَهُ على توحيدِ الله تعالى ، وهو ما رأى من السماءِ والأرض والكواكب والقمرِ والشمس . وقال مجاهدُ وسعيدُ بن جبيرٍ : ( مَعْنَى : { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أيْ آيَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ؛ وَذلِكَ أنَّهُ أُقِيْمَ عَلَى صَخْرَةٍ وَكُشِفَ لَهُ عَنِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْعَرْشَ وَأسْفَلَ الأَرْضِيْنَ ، وَنَظَرَ إِلَى مَكَانِهِ فِي الْجَنَِّةِ ؛ وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا } [ العنكبوت : 27 ] يَعْنِي أرَيْنَاهُ مَكَانَهُ فِي الْجَنَّةِ ) . وقيل : معنى الآية : كما أرَينا إبراهيمَ قُبْحَ ما كان عليه أبوهُ وقومه من المذهب ؛ كذلك نُرِيَهُ ملكوتَ السماوات والأرض . والْمَلَكُوتُ : عِبَارَةٌ عَنْ أعْظَمِ الْمُلْكِ ؛ زيدتِ الواوُ والتاء للمبالغةِ ؛ كما يقال : رَهَبُوتٌ خَيْرُ مِنْ رَحَمُوت ، هذا مثلٌ يقوله العربُ ؛ معناه : لئن تُرهب خيرٌ من أن تُرحم . فملكوتُ السماوات : الشمسُ والقمر والنجوم ؛ وملكوتُ الأرض : الجبال والشجرُ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } ؛ أي نُرِيَهُ الملكوتَ ليستدلَّ بذلك على توحيدِ الله ويَثْبُتَ على اليقين . قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } قال المفسرون : إنَّ إبراهيم وُلِدَ في زمانِ النَّمْرُودِ بْنِ كَنْعَانَ ، وكان النمرودُ أولَ من دعا الناسَ إلى عبادتهِ ، وكان له كهَّان ومنجِّمون ، فقالوا له : إنهُ يولد في هذه السنةِ غلامٌ يغيِّرُ دينَ أهل الأرض ، ويكونُ هلاكُكَ وزوالُ مُلْكِكَ على يديهِ . قال السديُّ : ( رَأى النَّمْرُودُ فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ كَوْكَباً طَلَعَ فَذَهَبَ بضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حَتَّى لَمْ يُبْقِ لَهُمَا ضَوءاً ، فَفَزِعَ مِنْ ذلِكَ وَدَعَا السَّحَرَةَ وَالْكُهَّانَ ؛ وَسَأَلَهُمْ عَنْ ذلِكَ فَقَالُواْ : هُوَ مَوْلُودٌ يُولَدُ فِي نَاحِيَتِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، يَكُونُ هَلاَكُكَ عَلَى يَدَيْهِ . فَأَمَرَ بذبْحِ كُلِّ غُلاَمٍ يُولَدُ فِي نَاحِيَتِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، وَأمَرَ الرِّجَالَ باعْتِزَالِ النِّسَاءِ ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الْحُرَّاسَ ، فَمَكَثَ كَذلِكَ مَا شَاءَ اللهُ ) . قال السديُّ : ( خَرَجَ النَّمْرُودُ بالرِّجَالِ إلَى الْعَسْكَرِ ، وَنَهَاهُمْ عَنِ النِّسَاءِ مَخَافَةً مِنْ ذلِكَ الْمَوْلُودِ ، فَبََدَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَمْ يأْتَمِنْ عَلَيْهَا أحَداً مِنْ قَوْمِهِ إلاَّ آزَرَ ، فَدَعَاهُ وَأَمَرَهُ لِحَاجَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَقَالَ لَهُ : إنَّكَ ثِقَتِي ؛ فَأَقْسَمْتُ إلَيْكَ أنْ لاَ تَدْنُو مِنِ امْرَأَتِكَ وَلاَ تُوَاقِعْهَا ، ثُمَّ أوْصَاهُ بحَاجَتِهِ . فَلَمَّا دَخَلَ الْمَدِيْنَةَ وَقَضَى حاَجَتَهُ ، قالَ : لَوْ دَخَلْتُ عَلَى أهْلِي فَرَأْيْتُ كَيفَ حَالُهُمْ ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَى امْرَأتِهِ لَمْ يَتَمَالَكْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا ، وَكَانَتْ قَدْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ ، فَحَمَلتْ بإِبْرَاهِيْمَ عليه السلام ، فَلَمَّا حَمَلَتْ بهِ ؛ قَالَتْ الْكَهَنَةُ لِلنَّمْرُودِ : إنَّ الْغُلاَمَ الَّذِي أخْبَرْنَاكَ بهِ قدْ حَمَلَتْ بهِ أُمُّهُ اللَّيْلَةَ ، فَأَمَرَ النَّمْرُودُ بذبْحِ كُلِّ وَلَدٍ مِنَ الْغِلْمَانِ . فَلَمَّا دَنَتْ ولاَدَةُ أُمِّ إبْرَاهِيْمَ وَأخَذهَا الْمخَاضُ ، خَرَجَتْ هَاربَةً مَخَافَةَ أنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهَا فَيُقْتَلُ وَلَدُها ، فَوَضَعَتْهُ فِي مَوْضِعٍ ، ثُمَّ لَفَّتْهُ في خِرْقَةٍ وَجَعَلَتْهُ فِي الْحَلْفَاءِ ، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى زَوْجِهَا فَأْعْلَمَتْهُ ، فَانْطَلَقَ أبُوهُ إلَيْهِ وَحَفَرَ لَهُ سَرَباً فِي ذلِكَ الْمَكَانِ وَجَعَلَهُ فِيْهِ ، وَسَدَّ عَلَيْهِ بصَخْرَةٍ مَخَافَةَ أنْ تَأْكُلَهُ السِّبَاعُ ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَخَتَلِفُ إلَيْهِ سِرّاً فَتُرْضِعُهُ ، وَكَانَ إذا بَكَى عَلَى أُمِّهِ أتَاهُ جِبْريْلُ عليه السلام فَوَضَعَ إصْبَعَهُ فِي فَمِهِ فَيَخْرُجُ مِنْهَا اللَّبَنُ ، فَكَانَ يَمُصُّ سَبَّابَةَ نَفْسِهِ ) . وقال أبو روقٍ : ( كَانَتْ أُمُّ إبْرَاهِيْمَ كُلَّمَا جَاءَتْهُ لِتَنْظُرَ إلَيْهِ وَجَدَتْهُ يَمُصُّ أصَابعَهُ ، وَقَالَتْ : ذاتَ يَوْمٍ نَظَرْتُ إلى أصَابعِهِ ، فَوَجَدْتُهُ يَمُصُّ مِنْ إصْبَعٍ مَاءً ؛ وَمِنْ إصْبَعٍ لَبَناً ، وَمِنْ إصْبَعٍ عَسَلاً ؛ وَمِنْ إصْبَعٍ سَمْناً ) . وقال بعضُهم : لَمَّا وضعَتْ أمُّ إبراهيمَ حَمْلَهَا ، ذهبت به وحفرَتْ له حُفْرَةً وألقتْهُ فيها وسدَّتْها عليه بصخرةٍ ، ورجعَتْ فسألَها أبوهُ آزَرُ : ما فعلَ حَمْلُكِ ؟ قالت : وضعتُ غلاماً فماتَ ، فصدَّقَها وسكتَ عنها . وكان إبراهيمُ يَشِبُّ في اليومِ مثلَ ما يشِبُّ غيرُه في الشهرِ ، ويشبُّ في الشهرِ ما يشبُّ غيرُه في السنةِ ، فلم يَمكث إبراهيمُ في المغارة إلا خمسةَ عشر يوماً ، ثم أخبرَتْ أمُّهُ أزرَ بخَبَرِهِ وما صَنَعَتْ به ، فلمَّا شَبَّ إبراهيمُ في المغارة وعَقَلَ وتكلَّم ، أتَتْهُ أُمُّهُ ذاتَ يومٍ فقال لَهَا : مَنْ رَبي ؟ قالت : أنَا ! قال : وَمَنْ رَبُّكِ ؟ قالت : أبوكَ ! قال : ومَن ربُّ أبي ؟ قالت : النمرودُ ! قال : ومَن ربُّ النمرودِ ؟ قالت : اسكت ! فسكتَ . ثم رجعت إلى أبيه وأخبرتْهُ بذلك ، فأتاهُ آزرُ ؛ قال له : يا أبتاهُ مَن ربي ؟ قال : أمُّكَ ؛ قال : ومَن ربُّ أمِّي ؟ قال : أنَا ! قال : ومَن ربُّكَ ؟ قال : النمرودُ ! قال : ومَن ربُّ النمرودِ ؟ فَلَطَمَهُ ؛ وقال : اسكُتْ ؛ فسكتَ . ثم أنه خرجَ بعد ذلك من السرب حين غربتِ الشمسُ ، فنظرَ إبراهيمُ إلى الإِبلِ والخيل والغنمِ فقال : لا بُدُّ أن يكون لهذه ربٌّ وخالقٌ ، ثم تفكَّر في خلقِ السماوات والأرضِ ، وقال : إنَّ الذي خلَقَنِي ورزقَنِي وأطعمني وسقانِي هو ربي ، ما لِي إلهٌ غيره . { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ } أي غَشِيَهُ الليلُ ؛ رأى الزهرةَ ؛ { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } . { فَلَمَّآ أَفَلَ } ذلك النجمُ ؛ قالَ : لا أحبُّ ربّاً ليس بدائمٍ . ثم نظرَ ؛ فرأى القمرَ طالعاً في آخرِ الليل ؛ { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } ، فلما رآهُ يَسْرِي ويَنْتَقِلُ من مكانٍ إلى مكان ، عَلِمَ أنه مُحْدَثٌ لا يصلحُ أن يكون ربّاً ؛ فـ { قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ * فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ } طالعةً قد ملأَتْ كلَّ شيء ، { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ } مما قبله ، { فَلَمَّآ أَفَلَتْ } جاءَ إلى قومهِ فرآهُم يعبدونَ الأصنامَ ، فـ { قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ } ؛ وأظلمَ أي غطَّاه ، والتظلُّم ، يقال : يُجَنُّ جُنَّةً الليلِ ؛ وَأجَنَّهُ وَجنَّ عليهِ ؛ إذا أظْلَمَ ، وجُنْتُ الْمَيِّتَ وأَجِنَتُهُ إذا دَفنتَهُ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } ؛ في هذا القولِ ثلاثةُ أوجهٍ : أحدُها : أنه قال هذا ربي في ظنِّي ؛ لأنه كان في حالِ فكرةٍ واستدلال ، وكان في ذلك الوقت مهلةٌ له للتروِّي والنظرِ ، فلما رأى الكوكبَ في عُلُوِّهِ وضيائه ، قَرَّرَ في نفسه على ما ينقسم حكمهُ من كونه ربّاً خالقاً أو مَخْلُوقاً مَرْبُوباً ، فلما رآهُ طالعاً آفِلاً ومتحرِّكاً زائِلاً ، قضى بأنه مُحْدَثٌ بمقارنته ، أما ذات الحدث وأنه ليس بربٍّ ، وأنَّ المُحْدَثَ غيرُ قادرٍ على إحْدَاثِ الأجسام ، وأن ذلك يستحيلُ منه ، كما استحالَ ذلك من نفسهِ إذا كان مُحْدَثاً ، فحَكَمَ بمساواته له من جهة الحدوثِ وامتناع كونه خَالِقاً . ثم لَمَّا طلعَ القمرُ فوجد صفتهُ في الْعِظَمِ والإشراق وانبساطِ النور أكبر ، قرَّرَ في نفسه أيضاً على ما ينقسمُ حكمه فقال : هذا ربي ، فلما رآهُ وتأمَّله وجدَهُ في معنى الكوكب في الطُّلوعِ والأفُول ، فحكمَ عليه بحكمهِ ، وإن كان أكثرَ منه ضوءاً . ثم لَمَّا رأى الشمسَ في عِظَمِهَا وإشراقِها وتكاملِ ضيائها ، قال : هذا ربي ؛ لأنَّها كانت تخالفُ الكواكبَ والقمر في هذه الأوصافِ ، فلما رآهَا أفَلَتْ ، حَكَمَ لَهَا بالْحُدُوثِ وأنَّها في حُكمِ الكوكب والقمرِ منتقلةٌ ؛ لوجودِ دلالة الْحَدَثِ في الجميعِ . قالوا : والذي يُؤَيِّدُ هذا التأويلَ الذي ذكرناه : أن قولَ إبراهيم على وجهِ النَّظَرِ والتَّفَكُّرِ ، ما ذكرهُ الله عنه أنه عَلَيْهِ السَّلاَمُ قال : { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } . والثانِي ؛ وهو الأقربُ إلى الصحة : أن إبراهيمَ إنَّما قال هذا في حالِ الطُّفولة قبل كَمَالِ عقلهِ حين حركةِ الخواطرِ للفكرة ، والنظرِ في دلائل توحيدِ الله تعالى . فإن قيلَ : كيفَ يُحْمَلُ أن هذا القولُ من إبراهيمَ كان على ابتداء النظرِ ، وقد تقدَّمَ إنكارهُ على أبيه وقومهِ عبادةَ الأصنام لقوله : { أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً } ؟ قيل : تقدُّمُ الآيةِ في التلاوةِ لا يوجبُ أنَّها مقدَّمةٌ في الحال ، ولا يَمْتَنِعُ أن إبراهيمَ عليه السلام أنكرَ على أبيه وقومه بعدَ هذا النَّظَرِ الذي ذكرناهُ . والثالث : أنَّ قولَهُ : { هَـٰذَا رَبِّي } كان على وجهِ الإنكار الذي يكونُ مع إلغاء الاستفهام ، وكان قصدهُ من هذا القولِ استدراجُ قومهِ لإقامة الحجَّة عليهم وتقربُهم إلى الْهُدَى ، فإِنَّهم كانوا يعبدونَ الأصنامَ والشمس والقمرَ والكواكب ، كأنه قال لَهم : هذا ربي في زعمِكم ، كما قالَ تعالى : { أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } [ الأنعام : 22 ] . { فَلَمَّآ أَفَلَ } ؛ الكوكبُ وتبيَّن " أنه " مُسَخَّرٌ مُذلَّلٌ ؛ { قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } ؛ أي لا أُعَظِّمُهُ تَعْظِيْمَ الرَّب عَزَّ وَجَلَّ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ } معناهُ على هذا القول : لئن لَم يُثَبتْنِي ربي على الهدى ؛ لأنَّ الله تعالى أثنَى على إبراهيمَ عليه السلام في آيةٍ أخرى بقوله : { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [ الصافات : 84 ] والسليمُ : الَّذي لاَ شَكَّ فِيْهِ وَفِي سَلاَمَتِهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ . وقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً } ؛ معناه : فلمَّا رأى القمرَ طالعاً ؛ { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } ؛ يقال : بَزَغَ القمرُ إذا ابتَدَأ الطُلوعَ ، وقوله تعالى : { فَلَمَّآ أَفَلَ } أي فلما غَابَ ، { قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } ؛ أي لئن لم يُرشدنِي ربي وَيُثَبِّتْنِي على الطريقِ المستقيم ، { لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } عن الهدي . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ } أي فلمَّا رأى الشمسَ طالعةً ؛ قال : هذا الطالعُ ربي وهذا النورُ ربي ، { فَلَمَّآ أَفَلَتْ } ؛ أي غابَتِ الشمسُ ، { قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } باللهِ من الأصنامِ والأوثَان والشَّمس والقمرِ والكواكب . قالوا : فمَنْ تعبدُ أنتَ يا إبراهيمُ ؟ قال : { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } ؛ أي إنِّي أخلصتُ دِيْنِي وعبادتِي وجعلتُ قصدي للَّذي ابتدأ خَلْقَ السَّمَاواتِ والأرضِ ، { حَنِيفاً } ؛ أي مََائلاً من الأديانِ الباطلة إلى دينِ الحقِّ مَيْلاً لا رجوعَ فيه ، { وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } ؛ أي لستُ على دينكم أيها المشركونَ .