Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 10-10)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ؛ أي إذا فَرغتُم من الصَّلاة فانتَشِرُوا في الأرضِ ، هذا أمرُ إباحةٍ ، قال ابنُ عبَّاس : ( إنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ ، وَإنْ شِئْْتَ فَصَلِّ إلَى الْعَصْرِ ، وَإنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ ) . وكذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ؛ إباحةٌ لطلب الرِّزقِ والتجارة والبيعِ بعدَ المنعِ . وعن ابنِ عبَّاس قال : ( لَمْ تُؤْمَرُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ بِطَلَب شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَلَكِنْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ وَحُضُورُ جَنَازَةٍ وَزيَارَةُ أخٍ فِي اللهِ تَعَالَى ) . وقال الحسنُ : ( { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } يَعْنِي طَلَبَ الْعِلْمِ ) . والقولُ الأوَّلُ أظهرُ . واختلفَ العلماءُ في موضعِ وجُوب الْجُمعةِ ، وعلى مَن تجبُ ، وكم يشتَرطُ له الجماعةُ ؟ فقال أبو حنيفةَ : ( لاَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ إلاَّ فِي مِصْرٍ جَامِعٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام : " لاَ جُمُعَةَ وَلاَ تَشْرِيقَ إلاَّ فِي مِصْرٍ جَامِعٍ " وَلاَ تَصِحُّ فِي الْقُرَى ، وَلاَ تُجِبُ عَلَى السَّوَادِ وَلَوْ قَرُبَتْ مِنَ الْمِصْرِ ، إلاَّ إذا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بهِ ) . وقال الشافعيُّ : ( تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أهْلِ السَّوَادِ إذا سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنَ الْمِصْرِ ، وَوَقْتُ اعْتِبَار سَمَاعِ الأَذانِ أنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتاً ، وَالأَصْوَاتُ هَادِئَةً وَالرِّيحُ سَاكِنَةً ) . وقال ابنُ عمرٍو وأبو هريرة وأنس : ( تَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عَلَى عَشْرَةِ أمْيَالٍ مِنَ الْمِصْرِ ) . وقال سعيدُ بن المسيَّب : ( تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ دُونَ الْمَبيتِ ) . وقال الزهريُّ : ( عَلَى سِتَّةِ أمْيَالٍ ) ، وقال ربيعةُ : ( أرْبَعَةُ أمْيَالٍ ) ، وقال مالكُ : ( ثَلاَثَةُ أمْيَالٍ ) . وعندَ الشافعيِّ : ( تَجِبُ الْجُمُعَةُ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا أرْبَعُونَ رَجُلاً أحْرَاراً بَالِغِينَ ، لاَ يَظْعَنُونَ عَنْهَا شِتَاءً وَلاَ صَيْفاً إلاَّ ظَعْنَ حَاجَةٍ ، فَإذا كَانَ كَذلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ . وَإنْ كَانَ أقَلَّ مِنْ ذلِكَ ، وَكَانَ بقُرْبهَا مَوْضِعٌ تُقَامُ فِيْهِ الْجُمُعَةُ ، فَعَلَيْهِمُ الْحُضُورُ فِيْهِ لِلْجُمُعَةِ إذا كَانُوا بحَيْثُ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ ) . وقال مالكُ : ( إذا كَانَتِ الْقَرْيَةُ فِيهَا سُوقٌ وَمَسْجِدٌ وَجَبَ عَلَيهِمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ ) . وأما أهلُ الوجوب ، فتجبُ الجمُعة على كلِّ مسلمٍ إلاَّ على أربعة : عبدٌ ؛ أو مريض ؛ أو مسافرٌ ؛ أو امرأةٌ ، فمَنِ استغنَى عنها بلهوٍ أو تجارةٍ استغنَى اللهُ عنه ، واللهُ غنيٌّ حميد . وأما العددُ الذين تنعقد بهم الجمعةُ ، فقال الحسنُ : ( تَنْعَقِدُ باثْنَيْنِ ) ، وقال أبو يوسف والليثُ بن سعد : ( بثَلاَثَةٍ ) ، وقال أبو حنيفةََ ومحمَّد وسفيان : ( بأَرْبَعَةٍ ) ، وقال ربيعةُ : ( باثْنَي عَشَرَ ) ، وقال الشافعيُّ : ( لاَ تَنْعَقِدُ إلاَّ بأَرْبَعِينَ ) .