Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 9-9)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } ؛ يعني النداءَ إذا جلسَ الإمامُ على المنبرِ يومَ الجمُعة ؛ لأنه لم يكُن على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نداءٌ سواهُ ، كان إذا جلسَ على المنبرِ أذنَ بلالٌ على باب المسجدِ ، وكذا كان على عهدِ أبي بكرٍ وعمرَ . والنداءُ المشروع لهذهِ الصَّلاة الأذانُ الثانِي يقولهُ المؤذِّنُ عند صعودِ الإمام المنبرَ ، كما رُوي عن السَّائب بن يزيدٍ أنه قال ( مَا كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ يُؤَذِّنُ إذا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ يُقِيمُ إذا نَزَلَ ، ثُمَّ أبُو بَكْرٍ كَذِلكَ ، ثُمَّ عُمَرَ كَذلِكَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي أيَّامِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ نِدَاءً غَيْرَهُ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } يعني الذهابَ والمشيَ إلى الصَّلاةِ ، والسَّعيُ : هو إجابةُ النِّداءِ في هذه الآيةِ ، والمبادرةُ إلى الجمعةِ ، وفي قراءةِ ابن مسعودٍ رضي لله عنه ( فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللهِ ) وكان يقولُ : ( لَوْ أُمِرْتُ بالسَّعْيِ لَسَعَيْتُ حَتَّى سَقَطَ ردَائِي ) . وَقِيْلَ : السَّعيُ هنا هو العملُ إذا نُودِيَ للصَّلاة فاعمَلُوا على المعنَى إلى ذكرِ الله من التفرُّغِ له والاشتغالِ بالطَّهارة والغُسلِ والتوجُّه إليه بالقصدِ والنيَّة . واختلفَ مشائخُنا : هل يجبُ على الإنسانِ الإسراعُ والعَدْوُ إذا خافَ فوتَ الجمُعة أم لاَ ؟ قال بعضُهم : يلزمهُ ذلك بظاهرِ النصِّ ، بخلاف السَّعيِ إلى سائرِ الجماعات لا يؤمرُ به وإنْ خافَ الفوتَ . وقال بعضُهم : لا يلزمهُ ذلك ، وليس السَّعيُ إلاّ العملُ كما قال تعالى { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } [ النجم : 39 ] . وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " إذا أتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَلاَ تَأْتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَوْنَ ، وَأتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ ، فَمَا أدْرَكْتُمْ فصَلُّوا ، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا " ، وهذا عامٌّ في جميعِ الصَّلوات . قال بعضُهم : فاسعَوا إلى ذكرِ اللهِ ، يعني الصَّلاةَ مع الإمامِ ، وذلك هو المرادُ بذكرِ الله . وقال بعضُهم : هي الخطبةُ لأنَّها تلِي النداءَ ، عن أبي بكرٍ رضي الله عنه قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَرَجَتْ ذُنُوبُهُ وَخَطَايَاهُ ، فَإذا رَاحَ كَتَبَ اللهُ لَهُ بكُلِّ قَدَمٍ عَمَلَ عِشْرِينَ سَنَةً ، فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ أُجِيزَ بعَمَلِ مِائَتَي سَنَةٍ " . وعن أبي ذرٍّ قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ ، وَلَبسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابهِ ، وَمَسَّ مِنْ طِيب بَيْتِهِ أوْ دُهْنِهُ ، ثُمَّ لَمْ يُفَرِّقْ مَا بَيْنَ اثْنَيْنِ ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى وَزيَادَةَ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ بَعْدَهَا " . وعن أنسٍ رضي الله عنه : " أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ : " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، إنَّ هَذا يَوْماً جَعَلَهُ اللهُ عِيْداً لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا فِيْهِ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلاَ يَضُرُّهُ أنْ يَمَسَّ مِنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بالسِّوَاكِ " " . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ : " لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي رَأيْتُ تَحْتَ الْعَرْشِ سَبْعِينَ مَدِينَةً ، كُلُّ مَدِينَةٍ مِثْلَ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ سَبْعِينَ مَرَّةً مَمْلُوءَةً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، يُسَبحُونَ اللهَ وَيُقَدِّسُونَهُ ، وَيَقُولُونَ فِي تَسْبيحِهِمْ : اللُّهُمَّ اغْفِرْ لِمَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ ، اللُّهُمَّ اغْفِرْ لِمَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ " . وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهَا أرْبَعٌ وَعُشْرُونَ سَاعَةً ، للهِ تَعَالَى فِي كُلِّ سَاعَةٍ سِتُّمِائَةِ ألْفِ عَتِيقٍ مِنَ النَّار " . وقال صلى الله عليه وسلم : " لَعَلَّ أحَدَكُمْ يَتَّخِذُ الضَّيْعَةَ عَلَى رَأسِ مِيْلٍ أوْ مِيلَيْنِ وَثَلاَثَةٍ ، تَأْتِي عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَلاَ يَشْهَدُهَا ، ثُمَّ تَأْتِي الْجُمُعَةُ فَلاَ يَشْهَدُهَا ، ثُمَّ تَأْتِي عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَلاَ يَشْهَدُهَا ، فَيُطْبَعُ عَلَى قَلْبهِ " . وقال صلى الله عليه وسلم فِي الْجُمُعَةِ : " مَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافاً بهَا أوْ جُحُوداً لَهَا ، فَلاَ جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ وَلاَ بَارَكَ لَهُ فِي أمْرِهِ ، ألاَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ ، ألاَ فَلاَ زََكَاةَ لَهُ ، ألاَ فَلاَ صِيَامَ لَهُ ، ألاَ فَلاَ حَجَّ لَهُ ، إلاَّ أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ ، فَإنْ تَابَ ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } قال الحسنُ : ( إذا أذنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَحِلَّ الشِّرَاءُ وَلاَ الْبَيْعُ ، فَمَنْ بَاعَ تِلْكَ السَّاعَةِ فَقَدْ خَالَفَ الأَمْرَ ، وَبَيْعُهُ مُنْعَقِدٌ ) لأنه نَهيُ تنْزيهٍ لقوله تعالى : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } ؛ وهذا على الترغيب في ترك البيع ، { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ؛ ما هو خيرٌ لكم وأصلحُ . قرأ العامَّةُ ( مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) بضمَّتين ، وقرأ الأعمشُ بجزم الميمِ وهما لُغتان ، قال الفرَّاء : ( وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ : جُمَعَةٌ بفَتْحِ الْمِيْمِ كَمَا يُقَالُ : رَجُلٌ ضُحَكَةٌ وَهُمَزَةٌ وَلُمَزَةٌ ، وَهِيَ لُغَةُ بَنِي عَقِيلٍ ) . وإنَّما سُمِّي هذا اليومُ جُمعةً لما رُوي عن سَلمان قال : قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ جُمُعَةً لأَنَّ آدَمَ جُمِعَ فِيهَا خَلْقُهُ " وَقِيْلَ : إنَّ الله تعالى فَرَغَ فيه من خلقِ المخلوقات . وَقِيْلَ : تجتمعُ الجماعاتُ فيها . وَقِيْلَ : لاجتماعِ الناسِ فيها للصَّلاة . وَقِيْلَ : أوَّلُ من سَمَّاها جُمعةً كعبُ بن لؤَيٍّ ، وكان يقالُ ليومِ الْجُمعة : العُرُوبَةُ . وَقِيْلَ : أوَّل مَن سَمَّاها جُمُعَةً الأنصارُ .