Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 166-166)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ } ؛ أي أبَوا أن يرجِعُوا عن المعصيةِ ، والعَاتِي هو شديدُ الدُّخولِ في الفسادِ الْمُتَمَرِّدُ الذي لا يقبلُ الموعظةَ . وقولهُ تعالى : { قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } ؛ أي مَطْرُودِينَ مُبعَدِينَ عن كلِّ خيرٍ ، مِن قولهم : خَسَّأْتُ الْكَلْبَ إذا قلتُ له : اخْسَأْ على الطردِ له . قال ابنُ عبَّاس : ( يَا لَهَا مِنْ أكْلَةٍ مَا أوْخَمَهَا أنْ مُسِخُواْ قِرَدَةً فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرةِ النَّارُ ) . وعن الضحَّاك قال : ( ألْقَى اللهُ فِي فِكْرِ النَّاهِينَ حَتَّى بَاعُوا الدُّورَ وَالْمَسَاكِنَ ، وَخَرَجُواْ مِنَ الْقَرْيَةِ ، فَضَرَبُواْ الْخِيَامَ خَارِجاً مِنْهَا ، فَأَقْبَلَ الْعَذابُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، فَبَدَأ الْمَسْخُ مِنَ الرَّأسِ حَتَّى صَارَتْ لَهُمْ أذْنَابٌ كَأَذْنَاب الْقِرَدَةِ ، فَكَانَ النَّاهُونَ لاَ يَرَوْنَ أحَداً يَخْرُجُ مِنَ الْقَرْيَةِ ، قَالُواْ : لَعَلَّ الْقَوْمَ قَدْ خُسِفُواْ أوْ رُمُواْ بحِجَارَةٍ مِنَ السَّمَاءِ ، فَحَمَلُواْ رَجُلاً مِنْهُمْ عَلَى سُلَّمٍ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ ، فَإذا هُمْ قِرَدَةٌ لَهُمْ أذْنَابٌ ، فَصَاحَ فَقَالَ : إنَّ الْقَوْمَ قَدْ صَارُوا قِرَدَةً ، فَكَسَرُواْ الْبَابَ ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ مَنَازلَهُمْ فَإذا هُمْ يَبْكُونَ وَيَضْرِبُونَ بالأَذْنَاب ، يُعْرَفُ الرَّجُلُ مِنَ الْمِرْأَةِ ، فَقَالُوا لَهُمْ : ألَمْ نَنْهَكُمْ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ؟ فَأَشَارُواْ برُؤُوسِهِمْ : بَلَى ؛ وَدُمُوعُهُمْ تَسِيلُ عَلَى خُدُودِهِمْ ) . قال أنسُ بن مالكٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّهُ سُئِلَ : هَلْ فِي أُمَّتِكَ خَسْفٌ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قِيلَ : وَمَتَى ذلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " إذا لَبسُواْ الْحَرِيرَ ، وَاسْتَبَاحُواْ الزِّنَا ، وَشَرِبُواْ الْخُمُورَ ، وَطَفَّفُواْ الْمِكْيَالَ والْمِيزَانَ ، وَاتَّخَذُوا الْقَيْنَاتِ وَالْمَعَازِفَ ، وَضَرَبُواْ بالدُّفُوفِ ، وَاسْتَحَلُّوا الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ " " . وقال عكرمةُ : ( جِئْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَبْكِي وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ ، فَقُلْتُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : هَؤُلاَءِ الْوَرَقَات ، فَإذا هِيَ سُورَةُ الأَعْرَافِ ، فَقالَ : أَتَعْرِفُ إيلَةَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قالَ : كَانَ بهَا حَيٌّ مِنَ الْيَهُودِ فِي زَمَانِ دَاوُدَ ، حُرِّمَ عَلَيْهِمْ صَيْدُ الْحِيتَانِ ، وَاخْتَارُواْ السَّبْتَ فَابْتُلُواْ فِيْهِ ، وَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ فِيْهِ الصَّيْدُ ، وَأُمِرُواْ بتَعْظِيمِهِ إنْ أطَاعُواْ أُجِرُواْ ، وَإنْ عَصَوا عُذِّبُواْ . وَكَانَتِ الْحِيتَانُ تَأتِيهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ شُرَّعاً بيْضاً سِمَاناً كَأَنَّهَا الْكِبَاشُ تَنْطَحُ ، وَيَوْمَ لاَ يَسْبتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ ، فَوَسْوَسَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ ، وَقَالَ : إنَّما نُهِيتُمْ عَنْ أخْذِهَا يَوْمَ السَّبْتِ ، فَاتَّخَذُوا الْحِيَاضَ وَكَانُواْ يَسُوقُونَ إلَيْهَا الْحِيتَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَتَبْقَى فِيْهَا وَلاَ يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ مِنْهَا لِقِلَّةِ الْمَاءِ فَيَاْخُذُوهَا يَوْمَ الأَحَدِ ، فَلَمَّا رَأوا العَذابَ لاَ يَأتِيهِمْ أخَذُوا وَأكَلُواْ وَعَبَّوا وَكَثُرَ مَالُهُمْ ، فَلَعَنَهُمْ دَاوُدُ عليه السلام فأَصْبَحُواْ قِرَدَةً خَاسِئِِينَ ) . وقال قتادة : ( صَارَ الشَّبَابُ قِرَدَةً ، وَالشُّيُوخُ خَنَازيرَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } [ الأعراف : 165 ] أي شَدِيدٍ وَجِيعٍ ، قرأ أهلُ المدينةِ بكسرِ الباء وجزمِ الياء من غيرِ همزٍ ، وقرأ ابنُ عامر كذلكَ إلا أنَّه بهمزة ، وقرأ عاصمُ في روايةِ أبي بكر بالفتحِ وجزم الياء وفتح الهمزة على وزنِ فَيْعَلٍ مثل صَيْقَلٍ ؛ وقرأ أهلُ البصرةِ ( بَئِيسٍ ) بفتحِ الباء وكسرِ الهمزة على وزن فعيلِ ، وقرأ الحسن ( بيسٍ ) بكسرِ الباء وفتح السِّين على ( بيسَ الْعَذاب ) ، وقرأ مجاهدُ ( بَايسٍ ) على وزن فاعِلٍ ، وقرأ أبو إياس بفتحِ الباء والياء من غير همزٍ ، وقرأ الباقون ( بَئِيسٍ ) على وزن فَعِيلٍ .