Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 55-55)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } ؛ أي ادْعُوهُ علانيةً وسِرّاً ، فإنَّ التَّضَرُّعَ من الضَّرَاعَةِ وهي إظهارُ شدَّة الحاجةِ . ويقالُ : معنى التَّضَرُّعِ : التَّمَلُّقُ والتَّخَشُّعُ والْمَيْلُ في الجهادِ ، يقال : ضَرَعَ يَضْرَعُ ضَرْعاً إذا مالَ بإِصْبعَيْهِ يَميناً وشِمالاً خَوْفاً وذُلاً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَخُفْيَةً } أي أدعُوا بالخضوعِ في السِّرِّ دونَ العلانيةِ فكأنَّ اللهَ تعالى أمرَ في الدعاءِ أن يُجْمَعَ بَيْنَ أن يُخْفِيْهِ وبين أن يَفْعَلَهُ في غايةِ الْخُضُوعِ والانقطاعِ إليه ؛ لإنَّ ذلكَ أبعدُ من الرِّياءِ . وهذا القولُ أصحُّ من الأوَّلِ لقولهِ صلى الله عليه وسلم : " خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ " وعن الحسنِ أنه قالَ : ( كَانُوا يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ فَلا تَسْمَعُ إلاَّ هَمْساً ) . وعنْ عُمَرَ رضي الله عنه قالَ : " كَانَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لا يَرُدُّهَما حَتَّى يَمْسَحَ بهِمَا وَجْهَهُ " وعن أبي موسَى الأشعريِّ رضي الله عنه قال : " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ ، فأَشْرَفُوا عَلَى وَادٍ ، فَجَعلَ النَّاسُ يُكَبُرونَ وَيُهَلِّلُونَ وَيَرْفَعُونَ أصْوَاتَهُمْ ، فَقَالَ : " إنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أصَمَّ وَلاَ غَائِباً ، إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيْعاً قَرِيْباً ؛ وَإنَّهُ مَعَكُمْ " " وقال الله عَزَّ وَجَلَّ في مَدْحِ العبدِ الصَّالحِ ورضيَ دُعَاءَهُ : { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً } [ مريم : 3 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } ؛ أي لا يحبُّ المتجاوِزينَ في الدُّعاءِ . وفي الخبرِ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " إيَّاكُمْ وَالاعْتِدَاءَ فِي الدُّعَاءِ ، فَإنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِيْنَ " واختلفُوا في الاعتداءِ في الدُّعاءِ ؛ قال بعضُهم : هو أن يَدْعُو باللَّعْنِ وَالْخِزْيِ ، فيقولُ : لَعَنَ اللهُ فُلاَناً ؛ أخزَى الله فلاناً . أو يَدْعُوا بما لا يحلُّ فيجاوزُ حدَّ العبوديَّةِ . وقال بعضُهم : هو أن يَسْأَلَ لنفسهِ منازلَ الأنبياء ، أو يسألَ اللهَ شيئاً مِن حكمتهِ أنه يفعلهُ في الدُّعاء . وَقِيْلَ : هو أن يقولَ : أسْأَلُكَ بحقِّ جبريلَِ وبحقِّ الأنبياءِ أن تُعْطِيَنِي كذا . وَقِيْلَ : هو أن يَدْعُو بالصِّياحِ . وَقِيْلَ : هو أن يعملَ عملَ الفُجَّار ويسألَ مسألة الأبرارِ .