Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 73, Ayat: 6-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً } ؛ معناه : إنَّ القيامَ في ساعاتِ الليل أثقلُ وأشدُّ على القائمِ من القيامِ بالنَّهار ؛ لأن الليلَ إنما خُلِقَ للرَّاحة والسُّكون ، ففِعْلُ الطاعةِ فيه أشدُّ من فعلِها بالنهار ، وقال ابنُ مسعودٍ : ( ( إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ قِيَامُ اللَّيْلِ ) ) . وقالت عائشةُ : ( ( النَّاشِئَةُ الْقِيَامُ بَعْدَ النَّوْمِ ) ) ، وعن ابنِ الأعرابيِّ : ( ( إذا نِمْتَ مِنْ أوَّلِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ قُمْتَ فَتِلْكَ النَّاشِئَةُ ) ) ومنه ناشئةُ اللَّيل . وَقِيْلَ : ناشئةُ الليل ساعاتُها كلُّها ، وكلُّ ساعةٍ منه فهي ناشئةٌ ، سُميت بذلك ؛ لأنَّها تُنشِئ ، ومنه نشأَتِ السَّحابةُ إذا بَدَتْ ، وجمعُها نَاشِئَاتٌ ، وعن حاتمِ بن أبي صغيرة قال : ( ( سَأَلْتُ ابْنَ أبي مُلَيْكَةَ عَنْ نَاشِئَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ : عَلَى اللَّبيب سَقَطْتَ ، سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَزَعَمَ أنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ نَاشِئَةٌ ، وَسََأَلْتُ الزُّبَيْرَ عَنْهَا فَأَخْبَرَنِي مِثْلَ ذلِكَ ) ) . وقال ابنُ جبير : ( ( أيُّ سَاعَةٍ قَامَ مِنَ اللَّيْلَ فَقَدْ نَشَأَ ) ) ، وقال قتادةُ : ( ( مَا كَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ نَاشِئَةٌ ) ) . وقال عبيدُ بن عمير لعائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : ( ( رَجُلٌ قَامَ مِنْ أوَّلِ اللَّيْلِ أيُقَالُ لَهُ نَاشِئَةٌ ؟ قَالَتْ : لاَ ؛ إنَّمَا النَّاشِئَةُ الْقِيَامُ بَعْدَ النَّوْمِ ) ) . وقال ابنُ كَيسان : ( ( هِيَ الْقِيَامُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ) ) . وعن ابنِ عبَّاس قال : ( ( إذا نَشَأَْتَ قَائِماً فَهُوَ نَاشِئَةٌ ) ) ، وعن مجاهدٍ أنه قالَ : ( ( إذا قَامَ الإنْسَانُ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَصَلَّى فَهُوَ نَاشِئَةٌ ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الأَخِيرَةِ فَهُوَ نَاشِئَةٌ ) ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } أي أثقلُ على المصلِّي من ساعاتِ النَّهار ، من قولِ العرب اشتدَّت على القومِ وَطْأَةُ السُّلطان ؛ إذا ثَقُلَ عليهم ما يلزَمُهم ، ومنه قولهُ صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمْ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ " . وقرأ أبو عمرٍو وابنُ عامر ( وِطْئاً ) بكسر الواو والمدِّ على معنى الْمُوَاطَأَةِ والموافقةِ ، ومنه قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } [ التوبة : 37 ] ، قال ابنُ عبَّاس : ( ( يُوَاطِئُ السَّمْعُ الْقَلْبَ ) ) ، والمعنى : أنَّ صلاةَ ناشئة الليلِ يُواطِئُ السمعُ والقلبُ فيها أكثرَ مما يُواطِئ في ساعاتِ النَّهار ؛ لأن الليلَ أفرغُ للانقطاعِ عن كُثْرِ ما يشغلُ بالنهار . ويقال : وَاطَأَتَ فُلاناً على كذا مُواطَأَةً ووَطْأَةً ؛ إذا وافقتَهُ عليه . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَقْوَمُ قِيلاً } ؛ أي أبْيَنُ قَوْلاً بالقرآنِ ، وَقِيْلَ : أستَرُ استقامةً وأطرَبُ قراءةً ، وعبادةُ الليلِ أشدُّ نَشاطاً وألَدُّ إخلاصاً وأكثرُ بركةً .