Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 41-41)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } ؛ حتى الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ ، قال ابنُ عَبَّاس : ( كَانَ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ يُقْسَمُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَمْسَةِ أسْهُمٍ ، سَهْمٌ للهِ وَرَسُولِهِ ، وَوَاحِدٌ كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي فِيْهِ الْمُحْتَاجَ وَالضَّعِيفَ وَيَجْعَلُهُ فِي عِدَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ السِّلاَحِ وَنَحْوِهِ ، وَسَهْمٌ لِذوِي قَرَابَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَسَهْمٌ لِيَتَامَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ، وَسَهْمٌ لِمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَهْمٌ لابْنِ السَّبِيلِ . ثُمَّ قَسَمَهُ أبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَلَى ثَلاَثَةِ أسْهُمٍ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنِ السَّبيلِ ، وَكَذلِكَ فَعَلَ عُمَرُ ثُمَّ عُثَْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ) . وبهذا أخذ أبو حَنيفة وأصحابهُ ؛ قالوا : إنَّ قولَهُ تعالى { للَّهِ خُمُسَهُ } لافتتاحِ الكلامِ باسمه تعالى على طريقِ التبرُّك ، لا لأنَّ للهِ نصيباً من الْخُمُسِ ، فإنَّ الدُّنيا والآخرة كلُّها لهُ سُبحانه ، وسهمُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سَقَطَ بموتهِ ؛ لأن الأنبياءَ عليهمُ السَّلام لا يُورَثُونَ ، وبينَهم ذوِي القراباتِ كان جعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم سهمَهُ في مَن شاءَ منهم ، ألاَ ترى أنه أعطَى بني هاشم وبنِي المطَّلب ، وأحرمَ بني نوفلَ وبني عبدِ شمس مع مساواتِها بني عبدِ المطَّلب في القُرْب ؛ لأن بني هاشم لم يفارقوهُ في جاهليَّة ولا إسلامٍ ، وإذا بَطَلَ هذان السَّهمان بعدَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ورَجَعْنَا إلى السِّهام الثلاثةِ التي ذُكرت معَهُما ، فقُسِّمَ الخمُسُ على ثلاثةِ أسهُم ، ويدخلُ في استحقاقهِ فقراءُ بني هاشم دونَ أغنيائِهم بدلاً عمَّا حُرِمُوا من الصَّدقات ، وأربعةُ أخماسِ الغَنيمة للغَانِمين . واليَتِيمُ من كلِّ جنسٍ من الحيوان الذي ماتَتْ أمُّهُ ، إلا من بَني آدمَ فإنه إذا ماتَ أبوهُ . والمسكينُ الذي أسْكَنَهُ الضعفُ عن النُّهوضِ لحاجتهِ . وابنُ السَّبيلِ المنطقعُ عن مالهِ . وقال بعضُهم : يُقسَمُ الخمُس الآنَ على أربعةِ أسهُم ، فينفردُ سهم قرابةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وقال الشافعيُّ : ( يُقْسَمُ الْخُمُسُ الآنَ عَلَى خَمْسَةِ أسْهُمٍ ، سَهْمٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصْرَفُ إلَى الأَهَمِّ فَالأَهَمِّ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ) ، ومِن أصحابهِ مَن قالَ : يصرفُ إلى الخليفةِ ، وسهمُ قرابةِ ذوي النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأغنيائِهم وفُقَرائِهم ، وثلاثةُ أسهُمٍ لليتامَى والمساكين وابنِ السَّبيل . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } ؛ معناهُ : اقبَلُوا ما أُمِرتُم به في الغنيمةِ إن كُنتم صدَّقتُم بتوحيدِ الله ، وبما أنزَلنا على عبدِنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وقولهُ تعالى : { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } أي يومَ بدرٍ فُرِّقَ فيه بين الحقِّ والباطلِ بنصرِ المؤمنين وكَبْتِ الكافرين مع ضَعفِ المسلمين وقَتلِهم . وقولهُ تعالى : { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } أي يومَ جَمْعِ الكافرين والمؤمنين ، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ؛ من نصرِ المؤمنين وغير ذلك .