Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 19-23)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ } إلى قوله : { مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } المعنى : ما كان الناس إلا أهل دين واحد ، فافترقت بهم السبل . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ ( سَبَقَتْ ) مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي : لولا أنه سبق في علمه ألا يهلك قوماً إلا بعد أن يملي لهم ، فتنقضي آجالهم " { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } : بأن يهلك أهل الباطل منهم ، وينجي أهل الحق " . قال مجاهد : كان الناس وقت آدم على دين واحدٍ ، ثم اختلفوا إذ قتل أحد ابْنَيْ آدم أخاه . وقيل : يراد بالناس هنا : العرب . وقيل المعنى : إن كل مولود يولد على الفطرة ، ثم يختلفون بعد ذلك . والأُمة : على خمسة أوجه : - الأُمة : " العُصْبة ، والجماعة نحو { أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } [ المائدة : 66 ] ونحو : { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ } [ الأعراف : 159 ] . - والثاني : أن تكون بمعنى " الملة " ، نحو : { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } . ومثله الحرف الذي في هذه السورة . { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } : أي : على ملة الإسلام ، ومنه : { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً } [ المؤمنون : 52 ] ، ومنه { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } [ الشورى : 8 ] : أي : أهل ملة . - والثالث : أن تكون بمعنى " السنين والحين " نحو : { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } [ هود : 8 ] ونحوه { وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } [ يوسف : 45 ] . والرابع : أن تكون الأُمة بمعنى " قوم " نحو قوله : { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } [ النحل : 92 ] أي : قوم أكرم من قوم . ومنه { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } [ الحج : 34 ] أي قوم . - والخامس : أن تكون الأُمة بمعنى " الإمام " . نحو قوله : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ } [ النحل : 120 ] أي : إماماً ، يقتدى به في الخير . ثم أخبر عنهم تعالى فقال : { وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } أي : يقول هؤلاء المشركون : هلا نزل عليه آية من ربه ، يعلم بها أنه محقٌّ ، صادق قال الله عز وجل : قل لهم يا محمد : { إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ لِلَّهِ } : أي لا يعلم أحد ، لو لم يفعل ذلك إلا هو ، لأنه عالم الغيب . { فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } : أي : انتظروا قضاء الله سبحانه بيننا وبينكم ، بتعجيل العقوبة للمبطل / ، وإظهار الحق للمحق . وقيل : المعنى : فانتظروا نصر الله المحق ، وخذلانه المبطل . { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } : أي : إني معكم منتظر من المنتظرين . لذلك . قوله : { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } إلى قوله { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } جواب إذا محذوف عند سيبويه . والتقدير : من بعد ضراء مستهم مكروا . والعرب تجتزئ بإذا في جواب الشرط عن " فعلتُ وفعلوا " . والناس هنا : المشركون كما قال : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } [ العاديات : 6 ] . قال الحسن : هو المنافق ، والمعنى وإذا أذقنا الكفار فرجاً من بعد كرب أصابهم ، ورخاء بعد شدة أصابتهم { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا } قال مجاهد : " استهزاء ، وتكذيب " . وقيل : يحتالون حتى يجعلوا سبب الرحمة في غير موضعه . قل لهم يا محمد : { ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً } أي : أسرع استدراجاًَ لكم وعقوبة . { إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } أي : إن الحفظة يكتبون عليكم ما تمكرون في آياتنا . ثم عدد تعالى نعمه فقال : { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } وقرأ ابن عباس : " يَنْثُرُكم " من النثر : أيْ : يبسطكم براً وبحراً . { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ } : وهي السفن { وَجَرَيْنَ بِهِم } يعني : السفن بالناس . { بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } ، وفرح بذلك الناس { جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ } ، أي : جاءت السفن ريح . وقيل : جاءت الريح الطيبة ريحٌ عاصف ، والعاصف : الشديدة . { وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } أي : من كل جانب . { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } أي : أيقنوا بالهلاك . { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي : أخلصوا الدعاء لله عز وجل ، دون أوثانهم ، وآلهتهم . ( و ) قيل : ( لأنهم ) يقولون : " آهيا شَرَاهِيّاًً " : تفسيره : يا حيُّ يا قيومُ { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } على نعمك ( وتخليصك ) ( إيانا مما نحن فيه ) . { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ } ، والفلك تذكر ، وتؤنث ، وتكون واحداً وجمعاً ( فمن جعلهما جمعاً ) جعل واحدهما فلكاً كوُثْنٍ ووثَنٍ . وقوله : { إِذَا كُنتُمْ } ، ثم قال : { وَجَرَيْنَ } فهذا من الرجوع من المخاطبة إلى الإخبار ، ثم قال إخباراً عن فعلهم : { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي : يكفرون ، ويعملون بالمعاصي على ظهر الأرض . وأصل النجاء : البعد من المكروه ومنه الاستنجاء ، لأن الإنسان يبعد به عن نفسه الأذى . ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } : أي : عليها يرجع . وإياها تظلمون . وهذا الذي أنتم فيه متاع الحياة الدنيا . والبغي في اللغة : التطارُحُ في الفساد . ومن قرأ { مَّتَاعَ } بالرفع احتمل أن يكون خبر بغيكم ، ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف ، وتكون { عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } خبر بغيكم . وتقدير ذلك " متاع الحياة الدنيا " أو " هو متاع الحياة الدنيا ، وبَيْنَ الرفعين فرق : وذلك أنك إذا رفعت " متاع " على أنه خبر " بغيكم " ، كان المعنى : إنما بغي بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا مثل : { فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [ النور : 61 ] ، و { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] . وإذا رفعتَ " المتاع " على إضمار مبتدأ ، وجعلت " على أنفسكم " خبر بغيكم كان المعنى : إنما فسادكم راجعٌ عليكم مثل : { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 7 ] وهو معنى قراءة / من قرأ بالنصب . ويكون النصب على المصدر , أي : تمتعون متاع الحياة الدنيا . { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } : أي : إلينا ترجعون في الآخرة ، فنخبركم بعملكم ، ونجازيكم عليه . { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } : وقف . { عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } ( وقف ) ، إن جعلت { مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } منصوباً ، ( أ ) ومرفوعاً على إضمار مبتدإ .