Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 40-44)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ } إلى قوله { يَظْلِمُونَ } . أخبر الله عز وجل نبيه في هذه الآية : أن من قريش من يؤمن بالقرآن فيما يستقبل ، ومنهم من لا يؤمن به أبداً . سبق كل ذلك في علمه تعالى . وقيل : المعنى : ومنهم من يصدق بالقرآن ، ويظهر الكفر عناداً ، واتقاء على رياسته ، { وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ } سراً ولا علانية . ثم قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ } أي : لي ديني وجزاؤه ، ولكم دينكم وجزاؤه . { أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ } لا تؤاخذون به { وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } لا أؤاخذ به : هذا مثل قوله : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } [ الكافرون : 1 - 2 ] . وهذا كله أمر بالمواءمة نسخ ذلك بالأمر بالمحاربة ، والقتل في " براءة " وغيرها . وقيل : معناه ، وفائدته : فقل لي علم عملي : أي : ذلك عندي ، وعلم عملكم عندكم ، أي : عندي علم ثواب عملي ، وهذا مثل قول النبي ، عليه السلام ، " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم " ، أي : عنده علم ثوابه : الحسنة بعشر أمثالها ، إلا الصوم ، فهو أعظم أجراً من ذلك . وقال ابن زيد : هذه الآية منسوخة ، نسخها الأمر بالقتال . ثم قال : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } : أي : / يستمعون القرآن . قوله : { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } أي : تخلق لهم سمعاً ، ولو كانوا لا سمع لهم يعقلون به ، فكأنهم من شدة عداوتهم ، وانحرافهم عن قول النبي بمنزلة الصم . وقيل : إن هذا إعلام من الله عز وجل لعباده أن التوفيق إلى الإيمان بيد الله ، ومثله الكلام على قوله : { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } : وهو نظر الاعتبار إلى حجج النبي وإعلامه على نبوءاته ولكن الله عز وجل سلبه التوفيق فلا يقدر أحد على هدايته ، كما لا يقدر أحد أن يحدث للأعمى بصراً . هذه الآية تسلية من الله ، جلَّ ذكره ، لنبيه عن جماعة من كفر به من قومه . وقيل : المعنى : ومنهم من يقبل عليك بالاستماع ، والنظر ، وهو كالأصم ، والأعمى من بغضه لك يا محمد ، وكراهيته لما يراه من آياتك ، فهو كالأصم ، والأعمى ، إذ لا ينتفع بما يرى ، ولا بما يسمع كما قال : { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [ الأحزاب : 19 ] . ثم قال تعالى ذكره { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً } : أي : لا يبخسهم حقهم ، فيعاقبهم بغير كفر { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } . وقال الفراء : إذا كانت " لكن " لا وَاوَ معها أشبهت " بل " . فتؤثر العرب تخفيفها ، ليكون ما بعدها بمنزلة " ما " بعد " بل " من الابتداء والخبر إذا كانت مثل " بل " ، وإذا كانت معها الواو ، وخالفت بل ، فتؤثر العرب التشديد لينصبوا ما بعدها ، فيخالفوا به ما بعد بل ، كما خالفت هي بل . والناس يظلمون أنفسهم باكتسابهم الخطايا التي توجب العقاب على أنفسهم . والمعنى : أن الله جلَّ ذكره ، لم يهمل الناس ، بل أرسل إليهم الرسل ، وأنزل عليهم الكتب ، واتخذ عليهم الحجة بالعقل ، والسمع ، والبصر . ثم جازاهم بأعمالهم بعد أن أمرهم ، ونهاهم ، فأكرم الطَّائِعَ ، وأهان العَاصِيَ ، وهذا هو العدل الظاهر البيّن .