Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 65-70)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } إلى قوله { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } . والمعنى : ولا يحزنك يا محمد تكذيبهم لك ، واستطالتهم عليك . { إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } : أي : له عزة الدنيا والآخرة ، فهو ينتقم من هؤلاء . { هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } : أي : ذو سمع لما يقولون ، وما يقول غيرهم ، وذو علم بهم وبغيرهم ، ودل هذا النص على أن كل عزيز في الدنيا فالله ( عز وجل ) . أعَزَّه ، وكل ذَليل ، فالله سبحانه أذله . ثم قال تعالى : { أَلاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ } : أي : له كل شيء . فكيف يعبد هؤلاء غيره ؟ فليس يدعون في عبادتهم الأصنام شُرَكاءَ له لأن كل شيء له . ما يتبعون في عبادتهم لها إلا الشك ، وما هم إلا يتخرصون والعامل الناصب للشركاء : " يدعون " ، ولا يعمل فيه " يتبع " لأنه نفي عنهم . وقد أخبرنا الله أنهم يعبدون الشركاء . ومفعول " يتبع " قام مقامه . { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } لأنه هو ، فكأنه قال : وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إلا الظن . فالظن مفعول " يتبع " ، و " شركاء " مفعول يدعون . قوله : { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } : أي : تستريحون فيه من تصرفكم . وجعل النهار مبصراً فيه على النسب بمنزلة { عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ الحاقة : 21 ] . { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } : أي : يسمعون هذه الأدلة فيفهمونها ، ويتَّعِظون بها . ثم قال تعالى حكاية عن قوم الكفار : { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } يعني : قولهم : إن الملائكة بنات الله . سبحانه : أي : تنزيهاً له من ذلك ، ومن كل السوء . { هُوَ ٱلْغَنِيُّ } : أي : الغني عن خلقه ، فلا حاجة له إلى ولد . { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي : يملك جميع ذلك ، فأي حاجة له إلى ولد ، وكيف يكون عبده ولداً له . وأيضاً : فقد أقررتم أيها الجاهلون أنه لا شبه له ، ولا مثل ، وعلمتم أن الولد يشبه الوالد ، وأنه من جنس والده يكون . فواجب أن يكون الولد الذي ادعيتم مثل الوالد . فقد أوحيتم بذلك أن له مثلاً ، وشبيهاً ، لأن ولده / مثله . وإذا وجب ذلك زالت عنه صفة { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] . وإذا زالت هذه الصفة عنه ، فقد نقصت صفاته عن الكمال . والناقص محدث ، ففي إيجابكم له الولد ، إيجابكم أنه محدث ، وتعطيل للربوبية ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً . لا إله إلا هو ، لم يلد ولم يولد ، فلا شبيه له ولا مثيل ، ولا نظير . ليس كمثله شيء ، لا إله إلا هو . ( ) قوله : { إِنْ ( عِندَكُمْ ) مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ } : أي : ما عندكم أيها القوم من حجة بقولكم . { أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } : أي : لا تعلمون حقيقته ، وصحته ، فتضيفون ذلك إلى من لا يجوز إضافته إليه بغير حجة . ولا برهان . ثم قال تعالى لنبيه : قل يا محمد : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } : أي : يتخرصون ، ويختلقون الكذب على الله . { لاَ يُفْلِحُونَ } : أي : " لا يَبْقَوْنَ في الدنيا " ، والفَلاَح : البقاء . { مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا } : أي : لكن لهم متاع في الدنيا . وقيل : افتراؤهم متاع ، وقيل : المعنى : ذلك متاع ، وقيل : هو متاع . وقيل : التقدير إنما ذلك متاع ، أو إنما هذا متاع ، أي : يمتعون به إلى الأجل الذي كتب لهم . { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } أي : يرجعون إلينا عند انقضاء أجلهم الذي كتب لهم . { ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ } وهو عذاب النار بكفرهم بالله سبحانه ، وبرسله صلوات الله عليهم ، وكتبه .