Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 13-16)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } إلى قوله { يَعْمَلُونَ } . المعنى : أيقولون افتراه ، أي : اختلق القرآن من عند نفسه . و " أَمْ " هنا هي المنقطعة التي هي بمعنى الألف قل لهم يا محمد { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } : أي : مثل القرآن . { مُفْتَرَيَاتٍ } : أي : مختلفات ، أي : مفتعلات . كما زعمتم أني اختلقت القرآن ، فاختلقوا أنتم أيضاً . إذ محال أن أقدر على ما لا تقدرون ، لأنا أهل لسان واحد . { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } : أي : ادعوا للاختلاق والعون من شئتم إلا الله سبحانه { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : في قولكم إن محمداً صلى الله عليه وسلم ، افترى القرآن من عند نفسه . ثم قال تعالى : { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } : أي : إلم يستجب لكم أيها المشركون من ( تدعون لأن يأتوا ) بعشر سور مثل هذا القرآن { مُفْتَرَيَاتٍ } ولم تطيقوا أنتم أن تأتوا بذلك ، { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ } : أي : أيقنوا أن هذا القرآن أنزل على محمد بعلم الله ، وألاَّ معبود إلا الله عز وجل . وقيل : المعنى : فإلم يستجب لكم يا محمد هؤلاء المشركون في أن يأتوا بذلك { فَٱعْلَمُوۤاْ } : أيها المشركون أنه إنما أنزل بعلم الله . وأتى بـ " لكم " لأن المراد النبي صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنون . وقيل : خوطب النبي صلى الله عليه وسلم ، بلفظ الجماعة كما يخاطب العظيم ، والشريف . والنبي صلى الله عليه وسلم ، أشرف مَنْ على وجه الأرض . { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } : أي : مذعنون بالطاعة ، مُخْلصُون لله عز وجل ، العبادة . ثم قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } . المعنى : من " كان يريد بعمله الحياة الدنيا وزينتها ، نوف إليهم أجور أعمالهم فيها " . { وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } : هذا للكافر ، فأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ، ويثاب عليها في الآخرة . وقيل : إن قوله : { وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } : يعني : في الآخرة لا يظلمون . قال مجاهد : هي في أهل الرياء . وقيل : المعنى : لئن كان يريد بغزوه الغنيمة وفي ذلك ، ولم ينقص منه شيئاً . وقال ابن عباس : نسختها { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا ( لَهُ ) فِيهَا مَا نَشَآءُ / لِمَن نُّرِيدُ } [ الإسراء : 18 ] . وهذا مردود ، لأنه خبرٌ ، والأخبار لا تنسخ . روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله جل ثناؤه ، إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم ، وكل أمة جاثية . فأول من يدعى به : رجل جمع القرآن ، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال . فيقول الله عز وجل ، للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى ، يا رب . قال فما عَمِلتَ فيما علِمْت ؟ قال : كنت أقرأ آناء الليل ، وآناء النهار ( ابتغاء وجهك ) ، فيقول الله ، جلَّ ثناؤه : " كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، ويقول الله عز وجل : أردتَ أن يُقالَ : فلان " قارئ . فقد قيل ذلك . ويؤتى بصاحب المال ، فيقول الله عز وجل ، له : ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال : بلى ، يا رب ، قال : فماذا عملت فيما أتيتك ؟ قال : كنت أصِل الرحم ، وأتصدق " ابتغاء وجهك " . فيقول الله عز وجل له : كذبت ، وتقول الملائكة له : كذبت ، بل أردت أن يقال : فلان جواد . فقد قيل ذلك . ويؤتى بالذي قُتل في سبيل الله عز وجل ، فيقال له : فبماذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتى قتلت . فيقول الله ، تعالى ، له : كذبت ، وتقول الملائكة له : كذبت . فيقول الله تعالى له : بل أردت أن يقال : فلان جريء ، فقد قيل ذلك . ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ركبتيَّ ، فقال : يا أبا هريرة ! أولئك الثلاثة أول خلق الله تُسَعَّرُ بهم النار يوم القيامة " . ثم قال تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } : أي : في الدنيا ، ومعنى حبط : ذهب ، { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .