Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 9-12)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً } إلى قوله { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } . المعنى : ولئن وسعنا للإنسان في رزقه وعيشه ، ثم سلبنا ذلك منه . { إِنَّهُ لَيَئُوسٌ } : أي قنوط من الرحمة . { كَفُورٌ } : أي : " كفور لمن أنعم عليه ، قليل الشكر " . والإنسان هنا اسم للجنس ، وقيل : هو للكفار خاصة . ثم قال تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ } : أي : ولئن بسطنا له في الرزق والعيش ، بعد ضيق في رزقه مسه منه ضررٌ { لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ } : أي : ذهب الضيق ، والعسر عني . { إِنَّهُ لَفَرِحٌ } : أي : مرح ، لا يشكر ، { فَخُورٌ } : أي يفخر بما ناله من السعة في رزقه ، فينسى صروف الدنيا ، وعوارضها غرَّة منه وجرأة . { ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } [ القصص : 76 ] : وهذا كله من صفة الكافر . وقد قرأ بعض أهل المدينة " لَفَرَحٌ " بضم الرَّاء ، وهي لغة ، كما يقال : رجل قطِرٌ وقطُرٌ وحذَر وحذُرٌ . ثم استثنى . تعالى ذكره من هؤلاء قوماً ليسوا على هذه الصفة فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي : على الضيق والعسر , وحمدوا الله على ما نالهم . { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } : أي : الأعمال التي هي طاعات . { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } : أي : من الله : أي : لهم مغفرة لذنوبهم ، فلا يفضحهم في معادهم . { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } : أي : ثواب عظيم على أعمالهم ، وهو الجنة . وقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ } هو استثناء ليس من الأول عند الأخفش بمعنى : " لكن " . فهذا في المؤمنين ، والأول / في الكافرين فهما جنسان ونوعان . وقال الفراء : هو استثناء من أذقناه ، لأن الإنسان بمعنى الناس ، فهو من الأول . ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام : { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } أي : فلعلك تتْرك بعض ما يوحى إليك يا محمد ، فلا تُبلغه لمن أمرت أن تبلغه إياه . { وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ } : أي : وضائق بما يوحى إليك صدرك ، فلا تبلغهم إياه مخافة أن يقولوا : فهلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ } : من مال { أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } يصدقه فيما يقول ، وينذر معه . إنما عليك يا محمد الإنذار . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } : أي : لست يا محمد عليهم بوكيل . الله هو الوكيل عليهم ، أي : هو القائم بمجازاتهم وأمورهم . فالهاء في " به " تعود على " ما " ، أو على " بعض " ، أو على التبليغ ، أو على التكذيب .