Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { الۤر } قد تقدم الكلام عليها . وقولهم : " قَرَأتُ هوداً " : من صرفه أراد به سورة هود ، ومن لم يصرفه جعله اسماً للسورة . ولو قلت : " قرأت الحمد ( لله ) " . فإنما جاز النصب : تُعْمِلُ الفعل فيه ، وجاز الرفع على الحكاية . فإن قلت : قرأتُ { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الفاتحة : 2 ، يونس : 10 ، الزمر : 75 ، غافر : 65 ] ، حكاية لا غير ، وكذلك { بَرَآءَةٌ } [ التوبة : 1 ، القمر : 43 ] ، ترفع على الحكاية ، وتنصب على العمل . وتنوِّنُ إذا أردت الحذف ، ولا تصرف إذا جعلته اسماً للسورة . فإن قلت : قرأتَ { بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } [ التوبة : 1 ] ، حكاية لا غير . وتقول : قرأت " ألم البقرة " : فتنصِبُ على النعت لقولك : " ألم " ، لأنه مفعول به بقراءةٍ ، وإن شئت خفضتَ " البقرة " ، وتقدّر إضافة " ألم " إليها . فإن قلت : " قرأت : { الۤمۤصۤ } [ الأعراف : 1 ] ، و { كۤهيعۤصۤ } [ مريم : 1 ] ، لم يجز الإعراب ، لأنه ليس في الأسماء نظير لهذا . وكذلك { الۤمۤر } [ الرعد : 1 ] ، و { الۤر } [ هود : 1 ، يوسف : 1 ، إبراهيم : 1 ، الحجر : 1 ] ، وكذا { طه } [ طه : 1 ] لأنه في آخرها ألفاً . فإن قلت : { طسۤ } [ النمل : 1 ] ، قلت هذه " طسين " يا هذا ، فلا تصرف لأن هذا من نظيره هابيل ، وقابيل . فإن أردت الحكاية ، أسكنت ، وتقول هذه { طسۤمۤ } [ الشعراء : 1 ، القصص : 1 ] فتُعْرِبُ : إن شئت تجعل " طس " اسماً ، و " ميم " اسماً ، وتضم أحدهما إلى الآخر مثل : معدي كرب ، فيجوز فتح الثاني ورفعه تجعل الإعراب في الآخر . وأجاز سيبويه : مَعْدِي كرب على الإضافة ، فيجوز على هذا ، " طس ميم " ، وتحسن الحكاية . فإن قلت : " قرأت { حـمۤ } [ غافر : 1 ، فصلت : 1 ، الشورى : 1 ، الزخرف : 1 ، الدخان : 1 ، الجاثية : 1 ، الأحقاف : 1 ] " ، لم ينصرف لأنه مثل " هابيل " . وإن شئت أسكنت على الحكاية . فإن قلت قرأت { حـمۤ * عۤسۤقۤ } [ الشورى : 1 - 2 ] لم يجز الإعراب ، لأنه لا نظير له في الأسماء . وتقول هذه { نۤ } [ القلم : 1 ] فاعلم بأنها تُنَوَّن ، وتُعْرَبُ : تريد سورة " نون " . وإن شئت جعلته اسماً للسورة ، فلم تنونْ ، وإن شئت أسكنت على الحكاية . وتقول : هذه السبح ، فلا تصرف إذا جعلته اسماً للسورة ، لأنه فعلٌ ، وليس في الأسماء فعلٌ . وإن شئت فتحتَ فَحَكَيْتَ على ما في السورة ، فإن قلت هذه " سِبحْ " لم يجز إلا الإسكان تحكيه لأنه فيه ضمير ، والجمل تحكى ، وكذلك تحكي : قرأت : { سَأَلَ سَآئِلٌ } [ المعارج : 1 ] ، و { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } [ المدثر : 1 ] ، وقرأت { وَٱلْفَجْرِ } [ الفجر : 1 ] لأنه اسم وحرف . وتقول : قرأت { ٱقْتَرَبَتِ } [ القمر : 1 ] تقطع الألف ، وتقف على الهاء ، إذا جعلته اسماً للسورة / لأن تأنيث الأسماء في الوقف بالهاء ، وألف الوصل في الأفعال تقطع إذا سمي بالأفعال . وإن شئت قلت : قرأت { ٱقْتَرَبَتِ } فوصلت الألف ووقفت بالتاء ، على الحكاية . فإن قلت : قرأت { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [ القمر : 1 ] ، لم يجز إلا الحكاية به ومثلُه : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] ، فإن أفردت بالهاء ، وجعلتهُ اسماً للسورة قلت : قرأت " تبَّت " ، تقِفُ على الهاء . قوله : { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ - آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ } - إلى قوله - { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . المعنى : هذا الكتاب الذي أنزلناه { أُحْكِمَتْ - آيَاتُهُ } : أي : بالأمر والنهي ، { ثُمَّ فُصِّلَتْ } بالثواب ، والعقاب . قاله الحسن . وعنه { ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي : بالوعد ، والوعيد . وعنه أيضاً : { أُحْكِمَتْ } أي : بالثواب والعقاب { ثُمَّ فُصِّلَتْ } بالأمر ، والنهي . وقال قتادة : أحكمها الله عز وجل ، من الباطل ، ثم فصلها ، وبيَّنَ الحلال ، والحرام . وقال مجاهد : { أُحْكِمَتْ } : لم ينسخها شيء . { ثُمَّ فُصِّلَتْ } نزلت شيئاً بعد شيء . وقيل : { فُصِّلَتْ } : فُسِّرت وبيِّنت : قاله مجاهد ، وابن جريج . { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ } : أي : من عند حكيم في أفعاله ، خبير بجميع الأشياء ، وبمصالح عباده . وقيل : أحكمت عن أن يدخل فيها الفساد . يقال : أَحْكَمَتْهُ الآيات . وحكمته لغتان : أي : مَنَعْنَهُ ، ومنه حَكَمت اللجام لأنها تمنع الفرس الجماح . وأصله كله من إحكام الشيء ، وهو : إبرامه ، وإتقانه ، عن أن يفسده شيء . والوقف على { الۤر } حسن إلا قول من جعله مبتدأه وكتاب خبره . ثم قال تعالى : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } : أي : فصلت من ( أجل ) ألا تعبدوا إلا الله عز وجل . ثم قال لنبيه : قل { إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } : أيها الناس . والابتداء بـ " إنني " حسن ، ثم قال تعالى : { أَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } . رداً على { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } : أي : استغفروه من عبادة الأصنام { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } : من عبادة الأصنام ، أي : ارجعوا ، { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } أي : ينسئ في آجالكم إلى الوقت الذي يشاء ، ويرزقكم من زينة الدنيا . وأصل الإمتاع : الإطالة . ثم قال : { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } : أي : يثيب من تفضل بفضل ماله ، أو قوته ، أو كلام حسن ، أو غير ذلك من وجوه الخير على غيره لوجه الله عز وجل . قال ابن مسعود : من عمل سيئة كتبت واحدة ، ومن عمل حسنةً كتبت عشراًَ ، فذلك فضل الله ، عز وجل . قال : فإن عوقب بالسيئة في الدنيا زالت عنه ، وإن لم يعاقب بها أخذ من الحسنات العشر واحدة ، وبقيت له تسع حسنات . ثم قال تعالى : { وَإِن تَوَلَّوْاْ } : أي : عما دَعَوْتهم إليه يا محمد من الاستغفار ، والتوبة ، فقل لهم : { فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } : أي : إن تماديتم على كفركم . وقال الطبري : المعنى : فإن توليتم ، جعله ماضياً وهو على قراءة البزي : " مستفعل " ، لأنه يشدد / التاء . ثم قال : { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } : أي : مردكم ، ومصيركم ، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } : أي : على إحيائكم بعد إماتتكم ، وعقابكم على كفركم . ( " وقدير " : بمعنى قادر ، إلا أن " فعيلاً " أبْلغُ ) .