Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 5-6)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } إلى قوله : { مُّبِينٍ } . ( ألا ) : استفتَاحُ كلام ، و { يَثْنُونَ } : من ثنيت ، وهو فعل المنافقين ، كانوا إذا مروا بالنبي يثني أحدهم صدره ، ويطأطأ رأسه . وقيل : نزلت فيما ، كان المنافقون يبطلون من عداوة النبي ، وبغضه ، أعلمه أن الله عز وجل يعلم ما تنطوي عليهم صدورهم من ذلك ، وإنْ غطوا عليه رؤوسهم بثيابهم ، ليستتروا ، فهو يعلم ما في صدورهم في كل حال من أحوالهم . يعني بالمنافقين : كفار قريش ، لا المنافقين من أهل المدينة . لأن السورة مكية . وقال مجاهد : ظنوا أن الله ، عز وجل لا يعلم ما في صدورهم . وقال الحسن : جهلوا أمر الله عز وجل . ثم قال تعالى : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } أي : ألا حين يلبسون ثيابهم في ظلمة الليل ، في أجواف بيوتهم . يعلم ذلك الوقت سرهم وجهرهم . { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } وقيل : إن أحدهم كان يثني ظهره ، ويستغشي ثوبه ، وقيل : إنهم إنما كانوا يفعلون ذلك لئّلا يسمعوا كتاب الله عز وجل . قاله قتادة . وقيل : إن هذا إخبار من الله ( عز وجل ) عن المنافقين ، أنه يعلم ما تنطوي عليه صدورهم من الكفر . وقال ابن زيد : " هذا حين يناجي بعضهم بعضاً " . وقرأ ابن عباس : " ينثوي " صدورهم على مثال " ينطوي . " قال : كانوا لا يأتون النساء ، ولا الغائط إلا وقد تغشوا ثيابهم كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء " . وقيل : كان بعضهم ينحني على بعض ليُساره . وبلغ من جهلهم أنهم ظنوا أن ذلك يُحفى على الله سبحانه . ورُويَ عن ابن عباس أيضاً أنه قرأ تنثوي . وعنه أيضاً أنه قرأ : " تثنوني " ، مثل : تَفْعوعِلُ . ومعناه : المبالغة مثل " احلَوْلى " : إذا بلغ الغاية في الحلاوة ، والهاء في " منه " للنبي صلى الله عليه وسلم ، على القول الأول ، وهي " إنه لله عز وجل ، على القول الثاني . وعن ابن عباس : ألا حين يستغشون ثيابهم : " أي : يغطون رؤوسهم " . والوقف عند الأخفش ، والفراء ، وابن كيسان على ذات بالتاء ، لأن هذا الاسم لا يستعمل إلا مضافاً . فصارت التاء في وسط الكلام . وعليه جماعة القراء . والوقف عند الكسائي بالهاء ، وهو قول الجُرْمي ، لأنه ثانية الأسماء ، وهو اختيار أبي حاتم . { لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } وقف . { وَمَا يُعْلِنُونَ } ، وقف / . ثم قال تعالى : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } : أي : يتكفل بذلك حتى تموت . يعني : بدابة : كل ما دب ، ودرج على وجه الأرض من إِنسيّ ، أو جني ، أو بهيمة ، أو هامّة ، والهامَّةُ كل ما يدُب سميت بذلك لأنها تهم ، أي : تدب . وقال الضحاك : والناس منهم . ثم قال تعالى : { وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا } : أي : حيث تستقر ، وتأوي . { وَمُسْتَوْدَعَهَا } : " حيث تموت " قاله ابن عباس . وقال مجاهد : { مُسْتَقَرَّهَا } في الرحم ، { وَمُسْتَوْدَعَهَا } في الصلب ، مثل تلك التي في الأنعام ، وهو قول الضحاك . وقد روي أيضاً هذا عن ابن عباس . ( وقيل : المستقر في الرحم ، والمستودع : حيث تموت ) . كل ذلك { فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } : أي : ظاهر لمن قرأه ، قد أثبته الله ، عز وجل ، قبل الخلق : وهذا توبيخٌ لمن أخبر عنه أنه يخفي ما في صدره عن الله ، عز وجل ، ويظن أن الله سبحانه لا يعلمه ، وكيف يكون آمن من قد أحصى جميع استقرار الحيوان ، وموضع موته ، وتكفل برزقه ، وأثبت ذلك قبل خلقه . فمن كان يقدر على ذلك كيف يخفى عليه ما في صدور هؤلاء .