Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 36-37)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ } إلى قوله { لاَ يَشْكُرُونَ } . كان الفتيان غلامين من غلمان الملك الأكبر . أحدهما : صاحب شرابه ، والآخر : صاحب طعامه / سخط عليهما الملك . وذلك أنه بلغه أن صاحب الطعام يريد أن يَسُمَّهُ له وظن أن صاحب الشراب مالأه على ذلك . قال ذلك السدي : [ قال ] : لما دخل يوسف في السجن قال : إني أعبُر الأحلام . فقال أحد الشابين [ لصاحبه ] : هلم فلنجرب هذا [ العبد ] العبراني . فَتتَراءَيَا له ، فَسَأَلاَه من غير أن يكونا رأيا شيئاً ، فقال صاحب الطعام : { إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ } ، وقال صاحب الشراب : { إِنِّيۤ أَرَانِيۤ } أعصر خمراً وقيل : بل كانا رأياها على صحة في منامهما . وروي أنه لما فسر لهما ما رأيا رجعا ، فقالا ما رأينا شيئاً ، وإنما جربناك . فقال يوسف صلى الله عليه وسلم : { قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } أي : لا بد من كون ما قلت لكما من عبارة رؤياكما . وقال ابن مسعود : قال الفتيان : إنما كنا تحالمنا لنجربا إنما كنا نلعب ، فقال يوسف لهم : ( { قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } ) ( قال مجاهد : قال يوسف لهما ) : أنشدكما الله أتحباني . فوالله ما [ أ ] حبني أحد قط ، إلا دخل عليّ من حبه بلاء : لقد أحبتني عمتي ، فدخل علي من حبها بلاء ، ثم لقد أحبني أ [ بي ] ، ولقد دخل عليّ من حبه بلاء ، ثم لقد أحبتني زوجة صاحبي هذا ، فدخل علي من حبها بلاء ، فلا تحباني . بارك الله فيكما . ( قال ) فَأَبَيَا إلا حبه ، وجعلا يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله . وفي قراءة ابن مسعود : " أعصر عنباً " ومعناه : خمر عنب . قال ابن عباس : لغة عمان يسمون الخمر عنباً و ( قيل ) : المعنى : أعصر عنب خمر ومعنى : { فَوْقَ رَأْسِي } : أي : على رأسي . وقوله : { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } : أي : تحسن إلينا . قيل : كان يعود مريضهم ، ويقوم عليه ، ويعزي حزينهم . وكان إذا احتاج [ منهم ] إنسان جمع له ، وإذا ضاق المكان وسع له ، ويجتهد لربه . قال : لما دخل السجن ، وجد قوماً قد انقطع رجاؤهم ، واشتد بلاؤهم ، وطال حزنهم ، فجعل يقول : اصبروا تُؤْجَرُوا أجراً [ إ ] ن لهذا ثواباً . فقالوا : يا فتى بارك الله فيك ، ما أحسن وجهك ، وأحسن خلقك ، ( لقد ) بُورِكَ لنا في جوارك ، ما نحب أنَّا كنا في غير هذا المكان لما تخبرنا من الأجر والكفارة ، فمن أنت يا فتى ؟ قال : أنا يوسف ، نبي الله ، ابن يعقوب بن ذبيح الله إسحاق ، ابن خليل الله إبراهيم . قال ابن مسعود : أعطي وأمه ثلث حسن الناس . وقال جعفر بن محمد : أعطي يوسف نصف حسن الناس . وروي مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إن كانت المرأة الحامل لتراه فتضع " وقيل معنى : { مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } : إنْ نبَّأتنا بتأويل رؤيانا . قال يوسف لهما { لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ } : أي : في منامكما { إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ } يعني : في يقظتكما { قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا } تأويل ما رأيتما . قال ( ذلك السدي وابن اسحاق ) . ثم قال : { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } أي : برئت منها . وإنما أجابهما يوسف بهذا ، وليس / بداخل في السؤال ، لأنه كره أن يجيبهما عن تأويل رؤياهما ، لما علم فيها من رؤيا الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزاً . وأعرض عن جوابهما مرتين ، وأخذ في غيره كذا قال ابن جريج ومعنى : { لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ } : إن الملك ( كان ) إذا أر ( ا ) د قتل إنسان ، صنع له طعاماً معلوماً . فأرسل به إليه . فقال يوسف لهما : { لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ } : يعني : من عند الملك { إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ } : أي : أخبرتكما : هل هو طعام من يراد قتله ، أو طعام من يراد به غير ذلك . فأعلمهما أن عنده علماً من معرفة الطعام . فيكون المعنى : في اليقظة ، لا في النوم . وكان هذا بعدوله عن تفسير رؤياهما لما كره من ذلك ، فلم يدعاه يعدل عن جوابهما ، وسألاه ثانية ، وكره العبارة فتمادى في العدل . وقال : { يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } [ يوسف : 39 ] - إلى قوله - { يَعْلَمُونَ } [ يوسف : 46 ] : فلم يدعاه حتى سألاه ثالثة فعبر لهما ، وقال { يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا ( فَيَسْقِي ) رَبَّهُ خَمْراً } - الآية - فلما عبر قالا : ما رأينا شيئاً ، إنما كنا نلعب فقال : { قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } . قوله : { أَن يَأْتِيكُمَا } وقف ( وفي ) " ربي " : وقف .