Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 33-35)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ } إلى قوله : { حَتَّىٰ حِينٍ } قرأ عثمان رضي الله عنه : " السَّجن بفتح السين والمعنى : رب ، إن السجن أحب إلي ، فهو مصدر . وهي قراءة ابن أبي إسحاق ، والأعرج ، ويعقوب . ورويت عن الزهري . ومن كسر جعله إسماً . والمعنى : أن يوسف عليه السلام ، اختار السجن على ما دعته إليه من الزنا . قوله : { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ } يعني : مراودتُهُن . { أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } : أي : أَمِلْ إليهن . وقيل : أتابعُهُنَّ ، وأكن بصبوتي من الذين جهلوا حقك ، و [ خـ ] ـالفوا أمرك . قوله : { أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } : وقف . وقوله : { مَا هَـٰذَا بَشَراً } : وقف عند نافع ( فاستعصم ) : وقف . ثم أخبر تعالى أنه استجاب له بعصمه منها ، ومن كيدها ، وذلك أن في قوله : { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } ، شكوى ما حل به منها ، وكذلك رضاه بالسجن هو شكوى . فاستجاب له ذلك ، فصرف الله عنه ما اشتكى به إليه . { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } دعاء من دعاه ، ( العليم ) : بمصلحة خلقه . وقوله : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ } قيل : سنة ، وقيل : سبع سنين . والحين : اسم للزمان يقع ( عـ ) ـلى القليل والكثير . وفاعل { بَدَا } عند سيبويه ليسجننه . وعند المبرد مضمر ، وهو المصدر : كأنه بدا لهم بداء . والعرب تقول : بدا ليَّ بدءاً : أي تغيّر رأيي عمّا كان عليه ، ومنهم من يقول : " قد بدا لي " ، ولا يذكر " بدا " لكثرته في الكلام . وهذا من ذلك . وقيل : المعنى : ثم بدا لهم رأي ، ثم حذف الرأي . لأن الكلام يدل على المعنى ، أي : ظهر لهم رأي لم يكونوا يعرفونَهُ ، ( ثم حذف الرأي ) . فالمعنى : ثم ظهر للعزيز رأي أن يسجنه ، وأخبر عنه بلفظ الجمع لأنه ملك ولأنه لم يذكر اسمه . فالمعنى : ثم ظهر للعزيز رأي أن يسجن يوسف من بعدما كان ظهر له أن يتركه مطلقاً ، ومن بعدما رأوا الآيات ببراءته ، وهي : ( قد ) القميص من دبر ، وقطع أيدي النسوة ، وخمش الوجوه . ومعنى { حَتَّىٰ حِينٍ } : إلى سبع سنين . وقيل : إن الله جعل ذلك الحبس ليوسف كفارة لذنبه ، إذ همَّ بالخطيئة . قال ابن عباس : عثر يوسف ، عليه السلام ، ( ثلاث عثرات ) : حين همّ بها فسجن حتى حين ، وحين قال : { ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } . ونسي ذكر الله ، ( سبحانه ) فلبث سنين في السجن ، وحين قال : { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } [ يوسف : 70 ] فسكتوه بقولهم : { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } . وعن ابن عباس ( أيضاً ) : أنه قال : عوقب يوسف صلى الله عليه وسلم ، ثلاث مرات . وذكر ما ذكرنا عنه . وقال السدي : كان أصل حبس يوسف أن امرأة العزيز قالت له : إن هذا العبد العبراني ، قد فضحني في الناس ، يعتذر إليهم ، ويخبرهم أني راودته عن نفسه . ولست أطيق أن أعتذر بعذري . فإما أن تأذن لي في الخروج ، وإما أن تحبسه كما حبستني . فظهر له أن يحبسه ، ففعل . والضمير في " لهم " للملك ، وأعوانه ، وأصحابه .