Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 53-57)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ } - إلى قوله - { وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } قوله : { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } : " ما " في موضع نصب ، استثناء ، ليس من الأول . والمعنى : إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه ، فينجيه من اتباع هواه ، وما تامر [ ه ] به نفسه . إن ربي ذو مغفرة عن ذنوب من تاب ، ( رحيم ) ( به ) بعد توبته . قوله : { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } ، أمر ملك مصر الأعظم ، وهو الوليد بن الريان بالإتيان بيوسف صلى الله عليه وسلم ، لما تبين عذره . وقال : { أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي } : أي أجعله من خلصائي وخاصتي . { فَلَمَّا كَلَّمَهُ } : أي : { فَلَمَّا } كلم الملك يوسف صلى الله عليه وسلم علم براءته ، وحسن عقله . قال له : يا يوسف { إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } : أي : متمكن مما أردت ، أمينٌ على ما ائتمنت عليه من شيء . وقيل : أمين ، لا تخاف عذراً . ثم قال ( له ) : ما من شيء إلا وأنا أحب أن تشركني فيه إلا أهلي ، ولا يأكل معي عبدي ، فقال ( له ) يوسف ، ( صلى الله عليه وسلم ) : أتأنف أن آكل معك ؟ وأنا أحق أن آنف منك ، أنا ابن إبراهيم ، خليل الرحمان ، وأنا ابن إسحاق الذبيح ، وابن يعقوب الذي ابيضت عيناه من الحزن . قوله : { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ } - إلى قوله - { وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } والمعنى : قال يوسف صلى الله عليه وسلم ، للملك : " اجعلني على خزائن أرضك " . قال ابن زيد : فأسلم إليه فرعون سلطانه كله ، فكان على خزائن الأطعمة ، وغيرها من أمواله وعمله . وروى مالك بن أنس ، رضي الله عنه ، عن ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله ، قال : كان يوسف النبي عليه السلام لا يشبع فقيل له : ما لك لا تشبع ، وبيدك خزائن الأرض ؟ . قال : إني إذا شبعت نسيت الجائعين . قوله : { إِنِّي حَفِيظٌ } : أي : لما وليت ، { عَلِيمٌ } به . وقيل : ( إن ) المعنى : إني حافظ للحساب ، عالم بالألسن . وقيل : المعنى : إني حافظ / للأموال عالم بالموضع الذي يجب أن يجعل فيه مما يرضي الله ، عز وجل ، ولذلك سأل يوسف ، ( صلى الله عليه وسلم ) ، الملك في هذا ليتمكن له وضع الأشياء في حقوقها . فأراد بسؤاله الصلاح صلى الله عليه وسلم . ثم قال ( تعالى ) { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ } : أي : في أرض مصر { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ } : أي : يتخذ منزلاً أين شاء بعد الضيق والحبس . ومن قرأ بالنون ، فمعناه : يصرفه في الأرض حيث يشاء . { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ } : من خلقنا كما أصبنا بها يوسف . { وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } : أي : لا نبطل أجر من أحسن ( عملاً ) فأطاع ربه ، ( عز وجل ) . قال ابن إسحاق : ولاه الملك عمل العزيز زوج المرأة ، فهلك العزيز في تلك الليالي ، وزوج الملك زوجة العزيز ليوسف . وقال ابن إسحاق : فلما دخلت عليه قال : أليس هذا خيراً مما كنت تريدين ؟ فقالت له : أيها الصديق لا تلمني ، فإني كنت امرأة أوتيت كما ترى حسناً وجمالاً ، وكان صاحبي لا يأتي النساء ، وكنت كما خلقك الله في حسنك ، وجمالك ، فغلبتني نفسي على ما رأيت . قال ابن إسحاق : فذكر أنه وجدها بكراً فأصابها ، فولدت رجلين . فولي يوسف مصر ، وملكها ، وبيعها وشرابها ، وجميع أمرها . ثم قال تعالى : { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } . والمعنى : ولثواب الآخرة خير لمن صدق ، وآمن ، وخاف عقاب الله عز وجل ، واتقاه سبحانه مما أعطى يوسف في الدنيا من التمكين في أرض مصر .