Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 77-80)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } - إلى قوله - { خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } يعنون بقولهم { أَخٌ لَّهُ } : يوسف . قال مجاهد : كان يوسف صلى الله عليه وسلم سرق صنماً لجده ، أبي أمه ، فكَسَرهُ ، وألقاه في الطريق . فَعَابَهُ إخوته بذلك . وإنما أراد يوسف بكسره ، وأخذه الخير : فليس ذلك بسرق ، بل هو مَحْضُ الدين والعبادة ، وإنكار المنكر . وقال ابن جريج : كانت أم يوسف مسلمة ، فأمرته أن يسرق صنماً لخاله ، كان يعبده . وروي عن مجاهد أن عمة يوسف بنت إسحاق ، وكانت أكبر من يعقوب صارت إليها منطقة إسحاق لسنها : لأنهم / كانوا يتوارثونها بالسن . وكان من سرقها استملك . وكانت عمة يوسف قد حضنته ، وأحبَّتْه حباً شديداً فلما ترعرع ، قال لها يعقوب : سلِّمي يوسف إليّ فلست أقدر أن يغيب عني ساعة ، قالت له : ( دعه عندي ) أياماً أنظر إليه لعلي أتسلى عنه . فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه ، ثم قالت : لقد فقدت منطقة إسحاق ؟ فانظروا من أخذها ، ومن أصابها فالتُمِسَت ثم قالت : اكشفوا أهل البيت ، فكشفوا ، فوجدت مع يوسف ، فقالت : والله إنه لي لم أصنع فيه ما شئت . ثم أتاها يعقوب فأخبرته الخبر ، فقال ( لها ) : أنت وذاك إن كان فعل ( ذلك ) ، فهو سلم لك ، فأمسكته حتى ماتت . فبذلك عَيَّره إخوته . ومعنى الآية أنه على الحكاية ، أي قالوا : إن يسرق فقد ( قيل ) سرق أخ لهم من قبل . إنما حكوا ما قد كان قبل ، لم يقطعوا بالسرقة عليه . هذا أحسن ما تأوله العلماء ، والله أعلم بذلك . والضمير في قوله : { فَأَسَرَّهَا } ، إضمار ، قبل الذكر ( قد ) فسره الله عز وجل لنا أن الذي أسره قوله : { أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } - إلى قوله - { تَصِفُونَ } ( أي ) أضمر هذا في نفسه . وقيل : أسر في نفسه المجازاة لهم على قولهم ، ولم يرد أن يبين عذره في ذلك . وقيل : أسرَّ في نفسه قولهم : { فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } ولم يرد أن يدفعه ويراجعهم عليه . بل كتم قولهم له وصبر . قوله : { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } : أي : ( من ) قولكم : هل هو حق أو كذب . ثم قالوا ليوسف : { يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } أي : الملك { إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً } : يعنون كلفاً بحبه ، فخذ واحداً منَّا مكان هذا الذي سرق وخل عنه { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } : في أفعالك . وقيل : المعنى : إنا نرى ذلك منك إحساناً إلينا إن فعلته . قال يوسف { مَعَاذَ ٱللَّهِ } : أي : عياذاً بالله أن نأخذ غير من سرق . { إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } إن فعلنا ذلك . قال السدي : ثم قال لهم يوسف : إذا أتيتم أباكم فأقرؤه السلام ، وقولوا له : إن ملك مصر يدعو لك ألا تموت حتى ترى ابنك يوسف . فلما أيس إخوة يوسف من أخيه أن يُدْفَع إليهم . { خَلَصُواْ نَجِيّاً } : أي : انفردوا وليس يوسف وأخوه معهم أي : خلوا يتناجون بينهم . فقال كبيرهم في العقل وهو شمعون , وقيل : بل ( هو ) كبيرهم في السن ( وهو ) روبيل ، وهو ابن خالة يوسف . وهو الذي كان نهاهم عن قتله . وقيل : كبيرهم يهوذا يعني به : كبيرهم في العقل ، والفهم لا في السن ، ولم يختلف في أن كبيرهم في السن روبيل . فهو أولى الآية ( قال لهم ) : { أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ } في أخيكم هذا ، ومن قبل تفريطكم في يوسف ، وفعلكم فيه . والمعنى : [ و ] من قبل هذا : تفريطكم في يوسف . و " ما " زائدة ، والمعنى : ومن قبل فرطتم في يوسف / ويجوز أن تكون في موضع نسب عطف على " أن " . ويجوز أن يكون في موضع رفع على معنى : ومن قبل هذا تفريطكم { فِي يُوسُفَ } ، فتكون { وَمِن قَبْلُ } في موضع الخبر . قوله : { فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ } : أي : لن أبرح من أرض مصر . { حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ } بالقدوم عليه ، { أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي } أي : بالمن مع أخي ، فأمضي معه . وقيل : المعنى : { يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي } بالسيف ، فأحارب ، وآخذ أخي . قاله أبو صالح . وقيل : المعنى : أو يقضي الله لي بالخروج من أرض مصر ، وترك أخي . وروي أن يهودا قال ليوسف : يا أيها الملك ! إن لم تخلِّ سبيله معنا لأصيحَنَّ صيحةً لا يبقى في مدينتك حامل ، إلا أسقطت ما في بطنها . وكان ذلك في ولد يعقوب عند الغضب معروفاً . فكلَّم يوسف ابناً له صغيراً بالقبطية فقال له : ضع يديك بين كتفي يهوذا ، ولا يشعر بك أحد ، وكان الناس مجتمعين ، فدخل الصبي بين الناس حتى وضع يده بين كتفي يهوذا ، فذهب غضبه ، فقال يهوذا : لقد مسني من ولد يعقوب ، ولم ير أحداً .