Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 15-16)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً } إلى قوله { ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } : المعنى فإن امتنع هؤلاء الذين يدعون الآلهة من دون الله من الطاعة ( والإخلاص لله عز وجل ) فلله عز وجل ، يسجدُ من في السماوات من الملائكة ، ومن في الأرض من المؤمنين طوعاً ) ، ويسجد ( الكافرون ) كرهاً ، حين يكرهون على ذلك . فيدخلون في الدين كارهين ، قاله قتادة . وعنه أنه قال : أما المؤمن يسجد طائعاً ، وأما الكافر فيسجد كارهاً ، فيسجد لله حين لا ينفعه . وقال ابن زيد : { كَرْهاً } : من لم يدخل الإسلام إلا بالسيف ، فأول دخوله كرهاً ، { طَوْعاً } : من دخله طائعاً ، أي : من أسلم طائعاً . وقال الزجاج : جائز أن يكون السجود بالخضوع لله . فمن الناس من يخضع ، ويقبل أمر الله ( سبحانه ) طائعاً ، ومنهم من يقبله وإن كان كارهاً ( له ) . وقيل : معناه : إن عباد الله الصالحين يسجدون لله ، والكفار يسجدون خوف القتل . وقيل : المعنى : وبعض من في الأرض يسجد ، وبعض المؤمنين طائعين ، قد سهل ذلك عليهم ، وبعضهم يكره نفسه على ذلك لله ( سبحانه ) . وقيل : السجود هنا الخضوع لتدبير الله عز وجل في جميع خلقه : من صحتهم ، وسقمهم ، وتصرفهم ، ( فهم ) منقادون لذلك أحبوا ، أو كرهوا لا حيلة لهم في دفع ذلك . وظلالهم أيضاً منقادة لتدبير الله ( عز وجل ) وإجرائه الشمس / بزيادة الظل ، ونقصانه وزواله . وقال ابن عباس : يعني : حين يفيء ظل أحدهم عن يمينه ، وشماله . قال أبو العالية : ما في السماء من شمس ، ولا قمر ، ولا نجم يقع لله ( سبحانه ) ساجداً حين يغيب ، فما ينصرف حتى يؤذن له . وقال مجاهد : ظل المؤمنين يسجد لله طوعاً ، وهو طائع ، وظل الكافر يسجد طوعاً ، وهو كاره . والآصال : جمع أصل ، والأصل ( جمع أصيل ) كرغيف ورغف . والأصيل : ما بين العصر إلى مغرب الشمس . ثم قال تعالى : { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الآية والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله : من رب السماوات والأرض ، ومدبرها ؟ قل : الله أتى الجواب والسؤال فيه من جهة واحدة . وذلك على تقدير أنهم لما قيل لهم : من رب السماوات والأرض ، ( ومدبرها ) . جهلوا الجواب فقالوا : ومن هو ؟ فقيل لهم الله : ومثله : { مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ } [ يونس : 34 ] . وهو كثير في القرآن : يأتي السؤال والجواب من جهة ( واحدة ، من جهة السائل . وإنما حق الجواب أن يكون من جهة ) السؤال ، لكن أتى الجواب ) من جهة السائل ( الجوابِ : على معنى أنهم جعلوا الجواب ، وطلبوه من جهة السائل ) : فأعلمهم به السائل ، فصار السؤال الجواب من جهة واحدة . ثم أمر أن يقول لهم : { أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً } يجتلبونه لها ، { وَلاَ ضَرّاً } يدفعونه عنها ، وهي إذا لم تملك ذلك لأنفسها ، تكون أضعف عن ملكه لغيرها ، فعبدتم من هذه صفته ، وتركتم ( عبادة ) من بيده النفع والضر ، والموت والحياة . ( ثم ) ضرب لهم مثلاً ، فقال : قل لهم يا محمد { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } يريد به المؤمن والكافر . { أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ } : ( أي ) : الإيمان والكفر ، فالظلمة طرف الكفر ، والنور طرف الإيمان . قال مجاهد : الظلمات والنور : " الهدى والضلالة " . ثم قال تعالى : { أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ } الآية المعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : أخلق أوثانكم خلقاً كخلق الله ، فاشتبه عليكم أمرها فيما خلقت ، وخلق الله ( سبحانه ) ، فجعلتموها شركاء لله من أجل ذلك . ثم قال ( تعالى ) : { قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } : ( أي : قل لهم يا محمد : إذا أقروا أن أوثانهم لا تخلق : فالله ، { خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } ) ، فهو أحق بالعبادة ممن لا يخلق ، ولا يضر ، ولا ينفع . { وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } : أي : " الفرد الذي لا ثاني له " ، { ٱلْقَهَّارُ } : أي : ( القهار ) بقدرته كل شيء ، ولا يقهره شيء .