Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 41-42)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ } إلى قوله { عُقْبَى ٱلدَّارِ } معناه عند ابن عباس : أَوَلَمْ ير أهل مكة الذين سألوا محمداً الآيات أنا نفتح على محمد الأرض ( بعد الأرض ) من حولهم ، ولا يخافون أن يفتح عليه أرضهم كما فتحنا له غيرها . ودلّ على ذلك قوله في الأنبياء : { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } : بل ، محمد وأصحابه الغالبون . وأكثر المفسرين على أنه يراد به : ذهاب خيار الناس ، وعلمائهم ، وصالحيهم . وقال الضحاك ، والحسن : هو ظهور المسلمين على المشركين . وقيل : هو هلاك الأمم قبلهم ، وخراب أرضهم . فيقول : أَلَم تر قريش هلاك الأمم قبلهم ، وخراب أرضهم بعدهم ؟ أفلا يخافون أن يَحُلَّ بأرضهم ما حلَّ بمن قبلهم ، قاله مجاهد ، وابن جريج . وروي عن ابن عباس ، ( رحمه الله ) نحوه . وروي عن ابن عباس أنه قال : هو نقص بركات الأرض وثمارها ، وأرضها بالموت . وجماعة من العلماء على أن المعنى في النقص : موت أهل الأرض ، وهو قول عكرمة . وروي عن مجاهد ، وقال ابن عمر : نقص الأرض هي موت فقهائها ، وخيار أهلها . ثم قال ( تعالى ) : { وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } أي : يحكم ويقضي ، فينفذ حكمه وقضاءه ، لا رَادَّ لحكمه ، ولا مانع لقضائه . فإذا أراد بهؤلاء المشركين ( شراً ) لم يرده أحد . والأطراف جمع طرف ، والطرف : الكريم من كل شيء . قال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : العلم أودية ، في أي واد أخذت منه حَسِرْت ، فخذ من كل شيء طرفاً : أي : خياراً . ومنه قولهم : ما يدري : أيُّ طرفيه أطول ، أي : ما يدري الكرم يأتيه من ناحية أبيه ، أو من ناحية أمِّه . فصار / معنى { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } : أي : من علمائها ، لأن العلماء هم الخيار . ومعنى { وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي : يحصي أعمال هؤلاء المشركين ، لا يخفى عليه شيء منها . ثم قال تعالى : { وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً } والمعنى : وقد مكر الذين من قبل هؤلاء المشركين من الأمم ، فوقع بهم العذاب ، فلله أسباب المكر كلها ، وبيده الضر والنفع . فلن يضر الماكرون بمكرهم أحداً إلا بإذن الله ، لأن أسباب المكر كلها بأمر الله ، وإنما يضرون بمكرهم أنفسهم ، لأنهم أسخطوا ربهم عليهم حتى أهلكهم . فكذلك هؤلاء يمكرون بك يا محمد ، والله منجيك من مكرهم ، وملحق ضرر مكرهم بهم دونك . ومعنى المكر من الله " أن ينزل العقوبة بمن يستحقها من حيث لا يعلمون " . ثم قال ( تعالى ) : { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } أي : يعلم ما يفعل هؤلاء المشركون ، وما يسعون فيه من المكر بك ، ويعلم جميع أعمال الخلائق كلهم . { وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } أي : سيعلمون ، إذ قدموا على ربهم يوم القيامة لمن عاقبة ( عقبى ) الدار في الآخرة . وقيل : الكافر هنا يراد به أبو جهل لعنه الله . ( ومن قرأ ) : " الكفار " بالجمع . قيل : عني به المستهزءون وهم خمسة ، والمقتسمون ، وهم ثمانية وعشرون .